ا[اتنين متزوجين]ا – الحلقة الأولى

يوم الزفاف

قــالت ســارة:
أخيراً أصبحتُ في شقتي، عشّي الصغير، إحساس جميل أن يكون للبنت بيت خاص اختارت فيه كل ركن وكل جزء على ذوقها الخاص، تفعل فيه ما تريد وتشعر بالفعل أنها ملكة متوّجة ..
أخيراً إنتهت الترتيبات والمشاوير والسهر والخناقات من أجل فرش هذا العش الرائع الصغير ..
أخيراً انتهى ضجيج الفرح وتفحص المعازيم فيّ كأنـّني هابطة من المريخ، وكل واحدة من عواجيز الفرح تمصمص شفايفها وتقول: مش كانت بنتي أحسن؟
تعبت جداً من حمل الفستان الثقيل والحذاء الضيق .. سبحان الله .. هوّ كل أحذية العرايس بتكون ضيّقة ليه؟
وأخيراً أخيراً ح اكون لوحدي ..
إيه ده .. صوت عمر بيقول: “مدام عمر اجمع عندي بالخطوة السريعة” ..
مدام؟ .. انا يا بيه؟

عمـر: إيه يا ستي سرحانة في إيه ده كله؟ .. هو علشان مفيش حد فى جمالك النهاردة يبقى خلاص؟ .. لا يا هانم أنا لما أنده عليكي تيجي قبل ما أنده مفهوم؟ .. وبعدين فين القطة علشان أدبحهالك؟
سـارة: انت عاوز تاكل قطط النهاردة ولا إيه؟ .. لو دبحتها ح اطبخهالك فوراً ..
عمـر: تطبخيها ؟!! .. بنات آخر زمن .. يعني مش خايفة مني؟
سـارة: لا مش خايفة.. أنا فرحانة جداً .. وإنت؟
عمـر: أنا أسعد إنسان في الدنيا .. أول مرة بنتكلم أنا وإنتي من غير ألف محرم وعزول في بيتنا .. بجد البيت جميل أوي .. ذوقك طلع يجنن يا سارة لما كل حاجة إتفرشت .. وأجمل ما فيه إن حبيبتي فيه ..

لا لا .. مفيش كسوف خالص .. خلّصنا الحدوتة دي .. شوفي أنا باقول علشان ربنا يكرمنا في حياتنا نصلي أنا وإنتي ركعتين نبدأ بيهم حياتنا علشان ربنا يبارك لنا كل خطوة .. ماشي؟
سـارة: ماشي يا حبييبي ..
عمـر: حبيبي؟!! .. لا يا ستي قومي غيّري هدومك واتوضى أحسن كده مش مصلّيين خالص ..

قــالت ســارة:
قمت ودخلت حجرة النوم .. ولا أدري عندما دخلتها لماذا ارتجفت؟؟
الله يسامح كل البنات اللي رعّبونا لما اتجوزوا .. ليه يعني هيّ حرب؟ .. أنا مش ح افكر فى حاجة علشان ما اديهاش عياط من أولها ..
يا خبر .. إيه كل الجيبونات اللي في الفستان دي، أنا كنت شايلة حديد زي المصارعين مش فستان .. لازم يعذبوا البنات فى كل شىء .. والله حرام الغلب ده ..
غيّرت الفستان باعجوبة وارتديت عباءة جميلة مطرّزة ولم أجرؤ أن أرتدي الطقم الذى أوصتني أمي ان أرتديه .. العالم دي بتهرّج أكيد ..
وتوضئت في حمام غرفة النوم، وأزلت ماكياج الفرح وأسدلت شعري ليراه عمر لأول مرة، وخرجت له لأجده غيّر البدلة وارتدى البيجاما التي أوصاني العالم كله أن أهديها له، وكأن الجوازة ستفشل لو لم تُهدي العروس عريسها بيجاما يوم الزفاف وسيُكتب الخبر فى الصفحة الاولى!!
وجدته ينظر لي نظرة كلها إعجاب وحب واستقبلني مهللاً: أنا عرفت دلوقت ليه الحجاب فُرِض .. لو كنتي بتخرجي بشعرك الجميل ده كانت حصلت مظاهرة .. يالاّ يا ستي نصلي أحسن كده مش ح ينفع خالص ..
وصليتُ وراء زوجى لأول مرة وأحسست إحساس رائع أن زوجي الإمام وأن الله شاهد علينا ونحن نبتهل بين يديه أن يرزقنا السعادة والتوفيق .. ودعا عمر دعاء طويل وأمّنت عليه وأنا أدعو من قلبي أن يحقق الله كل كلمة فيه، وأن يكون زوجي الحبيب حبيباً طوال العمر وألاّ يفرقنا إلاّ الموت وألا يدخل الشيطان بيننا ابداً ..
وأنهينا الصلاة وجلسنا واحتضن عمر يدي فى يده لأول مرة، فارتجفت وظهر عليّ ارتباكي وصاحبني خوفي واسترجعت كل الحكايات المفزعة التى سمعتها من أغلب البنات .. وواضح أن خوفي كان ظاهر .. وكأن عمر قرأ أفكارى فوجدته يحنو عليّ ويقول: إيه يا سارة الرعب ده كله .. إيه يا حبيبتي هيّ حرب؟ .. ما تخافيش من أي حاجة خالص وسيبك من الأوهام دي وحواديت البنات الفارغة .. لو كانت الإرتباط مفزع كده ما كانش الإسلام سمى الليلة دي ليلة البناء .. يعنى الزوجين بيبنوا حياتهم فى الليلة دي .. وكان سماها ليلة الحرب العالمية .. مش كده؟ .. وياستي علشان تطمني أنا عاوز أتكلم معاكي وأستمتع إن أنا وإنتي لوحدنا لأول مرة، وبعدين كل حاجة تيجي على مهلها ..
أحسست بجبل أزيح من فوق صدري وشكرت تفهم عمر ورقته المتناهية ..
وتحدثنا طويلاً طويلاً كأني طوال عمري لم أتحدث .. وكان أعذب حديث شعرت به في حياتي .. أتكلم مع زوجي وحبيبي وفتحت له قلبي وسقط حاجز الخجل مني وأخرجت كنز المشاعر التي كنت أخبؤها من يوم أن تشكلتُ أنثى إلى اليوم، وأعطيتها إلى الرجل الذي ارتبطت به ..
ووقتها عرفت عظمة الإسلام فى تحريم العلاقات المحرمة .. وإلا كيف تشعر الفتاة بهذا الشلال من المشاعر الفياضة البكر لو كانت ألقت مشاعرها لهذا وذاك، ووصلت إلى زوجها وهى مليئة بمرارات التجارب الفاشلة؟
وشيئا فشيئا سقطت الرهبة و الحواجز بيننا، وتحدثت القلوب والعيون و… سكتت شهرزاد عن الكلام المباح ..



0 التعليقات:

إرسال تعليق

Facebook Twitter Favorites More