[الجزء الرابع] الحلقة العاشرة

عمر: دخلت من باب المنزل اليوم وجدت زوجتي الغالية تبكي، وشقيقها الاصغر يربت على كتفيها ويحاول تهدئتها، وأمها تجرى من داخل المنزل لتعرف ما يبكي سارة ..
سارة: عمر؟ الحمد لله انك جيت يا عمر .. ياللا ننزل دلوقتى حالا للدكتور سعيد ..
عمر: خير يا سارة؟ حد من الولاد فيه حاجة؟
سارة: لا بس انا متاكدة انه قال حاجة لماما وأحمد، وهما مش عايزين يقولولي ..
أم سارة: يا بنتي اهدي ما حصلش حاجه انا حاقولك ..
عمر: خير يا طنط؟ انا قلقت كده اوي ..
أم سارة: بص يا عمر يا بني، الدكتور قاللي
بالنص كده البنت مولودة ناقصة نمو، وده ممكن يكون هوه السبب في عدم انتظام ضربات قلبها اللي بيقولو عليه لغط في القلب ..
سارة: يا خبر؟ لغط في القلب؟
واغشي على سارة في لحظتها .. ولحسن الحظ كانت لا زالت بجوار أحمد وان كانت واقفة على قدميها، فالتقطها أحمد .. وجرت ام عمر اللي حضرت من الداخل هي الاخرى لتحضر بعضا من الكولونيا ..
أحمد: أهو عشان كده ما كناش عايزين نقول حاجه دلوقتي يا أبيه عمر، الدكتور قال الحالة دي غير مؤكدة، ممكن تكون بسبب الولادة المبكرة .. حتى نصح ما نعملش اشعات ولا أي فحص تاني الا بعد لما البنت تتم اربعين يوم عشان يكون الفحص دقيق ..
رد عمر و هو يهوي على سارة محاولا افاقتها: انت متاكد يا أحمد؟ طيب ما قلتوش ليه من الاول؟
أم سارة: مانت شفت اهو لما قلنا حصل إيه، احنا قلنا نستنى يمكن الفحص يطلع سلبي و ان شاء الله نتجنب المشاكل دي كلها، ونتجنب اننا نتعب سارة نفسيا لحد بعد اسبوعين، وده الميعاد اللي اخدناه من الدكتور .. وأحمد حجز فى القصر العينى لان جهازالقلب ده مش موجود غير عندهم بس .. و الحمد لله اننا لقينا حجز وجيت بنفسي يا بني انفذ تعليمات الدكتور مع مريم لحد ما الاسبوعين دول يعدوا على خير ..
كانت سارة قد بدات تفيق و تحرك راسها يمنة و يسرة ودموعها تجري بلا انقطاع: عمر، مريم يا عمر .. ياللا نروح للدكتور ..
اعاد عمر عليها ما قالته امها ثم قال أحمد وهو يحاول تلطيف الجو: شفتي بقة انتي عملتي ايه؟ والله الموضوع مش مستاهل كل ده، وإن شاء الله يطلع كله على فشوش .. أمال فين بقه الصبر وأنا صابره وأنا جامده والكلام المتين ده؟ حرام عليكي نفسك .. والله يا سارة ماما كان عندها حق لما فضلت نسكت لحد ميعاد الفحص عشان ما تعيشيش في القلق ده ..
سارة: ايوة وعشت انت وهي في القلق يا حبيبي، وسبت مذاكرتك، وكل يوم والتاني جاي وكمان ماما سابتك انت وبابا، انا فعلا كويسة دلوقتي والله .. بس انا دخت بس عشان ما كلتش وكده .. لازم ترجعي البيت يا ماما دلوقتي لو سمحتي .. وانا اقدر اخد بالي من مريم كويس لحد ميعاد الفحص .. واللي ربنا رايده لينا يكون باذن الله ..
ردت أم سارة وقد آلمها ان تترك ابنتها: طيب يا بنتي اللي تشوفيه، بس انا عايزاكي تاخدي بالك منها ومن نفسك الاول ..
والتفتت الى ام عمر: بالله عليكي سارة و مريم امانه في ايديكي ..
ام عمر: انا عارفة انها حاتبقى زى الفل باذن الله، مش انا مبشراكي بيها يا سارة لما كنت باعمل عمرة انا و بنتي، و قلت لك ربنا حايديكي مريم ان شاء الله؟ اللي اداهالك مش حايضيعها منك باذن الله ..جرى ايه يا سارة؟ ده انت اللي كنتي بتعلمينا الحاجات دى يا بنتي ..
أحمد: انتي محسساني انك رايحة الحجاز يا ماما .. انا حاجيبك بكرة الصبح وانا نازل الجامعة ياحبيبتى والله .. بس اصلى انا وبابا خلينالك البيت..... وللا بلاش حاتشوفي دلوقتي بنفسك، بعدين كلها كام يوم واخلص امتحانات و نبقى براحتنا ع الاخر ..
أم سارة: ياللا يا حبيبي انا هاحضر شنطتي اهو .. خللي بالك من نفسك يا بنتي ..
سارة: يا رب، يا من انت ارحم من الام بوليدها، احفظ علي نعمتك يا رب .. واحرس مريم و يحيى وابوهم يا الله .. اللهم لا تفجعني فيهم يا رب العالمين .. اللهم اجعلنا عبيد رخاء لا عبيد ابتلاء يا رب، وان حكمت علينا بالبلاء فافرغ علينا صبرا يرضينا بقدرك يا الله ..

قال عمر:
ما كنتش فاكر ان غلاوة مريم عندي بقت كده .. كل شويه ادخل اوضتها و اتحسس وشها الصغير واتخيل هل ممكن يوم ادخل يكون المهد ده فاضي؟ اللهم لا نسالك رد القضاء ولكنا نسالك اللطف فيه يا ارحم الراحمين، انا دخلت على جوجل النهارده و طلعت قايمه بالامراض التي تصيب الرضـّع و تكون عيوب في القلب سواء ثقب او ضيق في الصمام الميترالي وحاجت تانيه كتير، كلها بتبدا باللغط ده .. زمان كان يا اما ربنا يحكم بالشفاء، يا اما تعيش عمرها مريضه لحد امر الله ما ينفذ .. لكن العمليات تطورت دلوقتي ولله الحمد .. انا حتى راسلت مكتبنا في هولندا و طلبت من السكرتيرة هناك تعملي بحث عن المستشفيات لو اضطريت اسفرها بره .. دلوقت بس فهمت، لما كنت باشوف حد بيبيع عفش بيته عشان ابنه يتعالج، فعلا ما فيش اغلى من الضنا ..

مرت الايام بطيئة و سارة تراقب مريم مراقبة اكثر من لصيقه، و تلاحظ لون وجهها واظافرها حتى لو تحولت الى الازرق تجري الى الطبيب كما قالت والدتها .. كذلك حرصت على غذائها حتى ان وزنها تضاعف بامر الله واصبحت جميله كالقمر .. وبدات تناغي وتبتسم، وكلما مر يوم، ازداد تعلق سارة بها اكثر .. و حتى يحيى احس ان شيئا غير طبيعي يجري، فقلل من شقاوته واصبح يشترك فى الاطمئنان على الننه كل حين كما علمته امه، حتى لم يعد يغار منها .. كان يخاف عليها و يحس بامه تبكي بجواره ليلا، اذ هجرت غرفتها و انتقلت لغرفة يحيى حتى تتيح لعمر ان ينام ليصحو مبكرا لعمله .. وهيهات ان تسمح مريم لاحد بالنوم، كانت تغفو لحظات فقط وتصحو معظم الليل .. و كانت سارة تحرص الا تتركها تبكي لحظة واحدة فتهدهد وتحنو و قد تعطيها حماما دافئا كي تهدأ ولا ترهق قلبها و رئتاها ..

و فى اليوم المحدد للكشف حضر أحمد ووالدته واخذهم عمر جميعا في سيارته للقصر العيني، وفي الطريق طلبت سارة طلبا غريبا، طلبت ان تذهب الى استديو تصوير وتصور مريم، احست انها تريد ان تحتفظ بذكرى هذا اليوم سواء كانت حزينه او سعيدة، كل ما يتعلق بمريم يجب ان تحتفظ به و نفذ لها عمر رغبتها ..
وفى القصر العينى بهتت سارة مما رات، مئات الاطفال واهلهم لا يرجون من الله الا شفاء اطفالهم، و يبدو عليهم البؤس الشديد .. حتى عندما اخذت سارة تتجول بعينيها بين الاطفال، كلهم مشتركون في البؤس والهزال والضعف، و منهم الرضع ومنهم من هم على اعتاب المراهقة، اللهم اشفي مرضانا جميعا يا رب ..
طالت فترة الانتظار واخيرا جاء دور مريم، دخلت سارة وعمر بالطفلة ووضعها عمر على سرير الكشف، وكان الطبيب يجلس وظهره لسارة وامامه شاشة كبيرة، وما ان مر بالماسح على صدر الطفلة، حتى ظهرت امامه خطوط واحصائيات و رسومات بيانية، لم تفقه منها سارة شيئا ..واغمضت عينيها وبسطت كفيها امام وجهها تدعو الله و قلبها معلق بما سيقوله الطبيب ..
و بعد لحظات مرت كالدهر قال:
انا قريت تقرير الدكتور سعيد على فكره وهو كان تشخيصه صحيح، حالة اللغظ كانت كاذبه بسبب الولادة المبكرة، لكنها اختفت تماما دلوقتي .. ما شاء الله البنت زي الفل و تقدرو تروحوا وما تحملوش هم الحكايه تاني ابدا..
لم تدرى سارة بنفسها الا و جبهتها تلمس أرض العيادة التي تبللت بدموعها دموع الشكر، انها لم تتصور ان تستجاب دعواتها، كم انت رحيم يا الهي ..

اللهم اني أحمدك حمدا كثيرا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك يا رب العالمين يا الله ..

-------------
تنويه:
وردت في الرواية هذه العبارة (اللهم لا نسالك رد القضاء ولكنا نسالك اللطف فيه) وهذا الدعاء لا يجوز ذلك أننا نسأل الله أن يردّ القضاء، فقد جاء في الحديث (لا يرد القضاء إلا الدعاء) .. وقد ذكر بعض العلماء أن هذه العبارة محرّمة، والتفصيل لهذا تجدونه في هذا الرابط: http://islamqa.com/ar/ref/105366
-------------

3 التعليقات:

غير معرف يقول...

raw3aaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaa

غير معرف يقول...

بيعجبنى جدا رد مشرف الصفحه على كل غلط بيشوفه ربنا يبارك فيه ويجازيه كل خييييييييير

Unknown يقول...

أجمل قصة قريتها فى حياتى كلها ♥

إرسال تعليق

Facebook Twitter Favorites More