[الجزء الرابع] الحلقة الثامنة

قال عمر:
لاول مرة اجد نفسي حائراً، صحيح البنت صعبانة عليّ ومش عايز احلق راسها لكن دي سنة يا ناس .. بس اللقب اللي اطلقته عليها سارة (الشحاته الصغيرة) خلاها تصعب عليّ .. سارة سمتها كده عشان لما اتولدت ما كانش عندها ولا أي حاجة تلبسها .. واخو سارة نزل من المستشفى اشترى لها سالوبيت عشان تروّح بيه بدل ما نلفها في ملاية وده بسبب الولادة المبكرة طبعا وظروف العزال ..

سارة: انت لو حلقتلها قرعة حاتبقى شحاتة رسمي، ده حتى الايس كاب بتاع اخوها ضاع في العزال ومش فاضل غير اننا ندهن لها راسها مرهم كبريت و تنزل بيها الموالد نشحت ..
عمر ضاحكا: ايه يا سارة جبت الكلام البيئة ده منين؟ بصي هي بصراحة راسها صغيرة و طرية اوى عشان كده بلاش نحلق لها، وانا حاتصدق بضعف ما تصدقت به عن يحيى ..
سارة: ربنا يخليك ليّ يا عمر يا حبيبي و يكرمك .. عشان كمان التصوير وكده الحمد لله انك اقتنعت .. بس انا عايزة منك طلب ..
عمر: انت تؤمري يا ام العيال .. حاجيب لها كل الهدوم اللي انت عايزاها باذن الله ..
سارة: حلوة اوي ام العيال دي هاها .. و مش باكـّلم ع اللبس .. بص يا سيدي انا مش عايزة اعمل علب ولا بونبون ولا اي حاجة من دي .. نعمل عقيقة شرعية وبس .. وعايزاك تخرج الفلوس اللي كان المفروض تتصرف في الحاجات دي كلها لوحدة رعاية الاطفال ناقصي النمو، الحضّانات يعني .. ما تتصورش اليومين اللي قعدتهم مريم شفت مآسي لامهات مش قادرين على دفع مصاريف الحضانات .. دى بتوصل حوالي ميتين جنيه في اليوم لما يكون الطفل حالته متاخرة ومحتاج انابيب تغذية وتنفس وكدة .. تخيل ان انسان ممكن يروح منه ضناه عشان مش قادر يدفع للحضّانة، وده كمان لو لقى واحدة فاضية ..
عمر: طيب يا حبيبتي ما نتبرع واعمل برضه السبوع؟
سارة: خلينا واقعيين يا عمر، احنا لسه عندنا اقساط الشقة وانت ما دفعتش قليل في الولاده عشان كانت قيصرية وعشان كده عايزين نلم نفسنا شوية .. وعموما يا سيدي كلّ ما تزود الصدقات يكون احسن .. تخيل لو ما كانش ربنا لطف بي انا ومريم كان زماننا في المستشفى لسة و كان زمانها في الحضانة .. عايزين نشكر ربنا على اللطف الكبير ده ..
عمر: عندك حق .. انت طول عمرك قلبك كبير يا سارة .. ربنا يخليكي ليّ ..

وفي هذه الاثناء دخلت سارة غرفتها لانها سمعت صوت مريم تبكي وفوجئت بيحيى يحملها .. كادت تفقد النطق من خوفها ان تقع منه ولكنها لم تصرخ او تستفزه .. فقط اقتربت منه فى هدوء شديد و بمنتهى اللطف،
وقالت: بص يا يحيى يا حبيبي دي لسه نونو، ممكن تقع منك وتتعور .. عشان خاطري حط ايدك في ضهرها كده وانت شايلها وتعالى اقعد جنبي على السرير ..
يحيى: حاضر يا ماما، ححط ايدي اهوه .. انا كت بث بثكتها عثان كانت تعيط .. مث انت قلتي انا اخوها كبيل وثاطل؟
سارة: شاطر بس ما تشيلهاش لوحدك، لما تعوز تشيلها تعال قولي وانا احطهالك على حجرك .. اوكي حبيبىي؟
رد يحيى وهو سعيد: بجد تخليني اثيلها؟
سارة: ايوه بس و انا جنبك .. اتفقنا؟
وفي هذه الاثناء كانت سارة قد استخلصت مريم من بين يدي يحيى، ودخل عمر وعندما همّ بتوبيخ يحيى، ولكنّ سارة اسكتته بنظره عرف معناها .. وبعدما خرج يحيى من الغرفة،
عمر: لا الولد ده ما ينسكتش عليه يا سارة، كان ممكن البنت تتعور، هى ناقصاه؟ ايه رايك اقدمله في حضانة؟
سارة: اولا الحمد لله انك ما زعقتلوش، انا مش عايزاه يتعقد ويحس انها سبب عذابه في الحياة .. ولاحظ انه كان ملك متوج في البيت، يعني هي خدت برضه جزء كبير من اهتمامنا .. ولو حاولنا نوديه حضانه دلوقت حايفتكر ان ده عقاب ليه وان مريم هيّ السبب و يكرهها .. انا رايي نستنى شوية وكل الامور ان شاء الله حاتتظبط ..

و في هذه الاثناء دق جرس الباب فخرج عمر ليفتح، وكانت والدة سارة واخوها ومعهم حقيبة كبيرة .
فاستقبلتهم والدة عمر: اهلا اهلا اتفضلوا ..
والدة سارة: اهلا بيكي يا حبيبتي ..
والدة عمر: انتي بايته معانا النهارده ولا ايه؟ تنورينا والله ..
والدة سارة ضاحكة: لا مش حاينفع بقة عشان امتحانات احمد ومش قادره اسيبه، والبركه فيكى انتي .. انا عارفه انك حاتحطي سارة في عينيكي .. وهنا دخلت سارة وقبلت امها وكلها فضول ايضا لتعرف سر الحقيبة ..
احمد: مفاجاة يا سارة ما تخطرش على بالك، اسراء بعتت لك الشنطة دي من دبي مع مامت واحد صاحبي .. لسة واصلة ..
سارة: فيها ايه الشنطة دي؟
احمد: دي مش عشانك، دي عشان البرنسيسة الصغيرة حبيبة خالها .. كلها هدوم ايه بقة سينييه ..
سارة: لا ما تهزرش، يعنى مش حاتبقى الشحاتة الصغيرة خلاص؟
احمد: شحاتة مين؟ دي حاتبقى نجمة سينما .. آه و الله كلهم بيعملو شوبنج في دبي .. استني بس لما اخوكي يتخرج وان شاء الله يشتغل هناك، ندر عليا لاغرقكم هاهاها ..

وفتح احمد الحقيبة وانبهرت سارة بما رات، فساتين صغيرة ومعها احذيتها المنمنمة مثل قطع البون بون .. وفيونكات شعر وسالوبيتات وبيجامات .. ايه ده كله؟ احمدك يا رب ..
و نظر اليها عمر نظرة ذات مغزى فهمتها على الفور .. كان عمر يحس ان سارة اطيب انسانة في الدنيا .. تنازلت عن سبوع بنتها، وحتى لم تطلب ملابس جديده لها حتى لا تثقل عليه فكافاها الله فى لحظتها ..
عمر: بس اسراء كده تعبت نفسها اوي والله ..
ام سارة: هي بتقول من بعد خيرك يا عمر، وهي ما تنساش وقفتك انت وسارة معاها و مشاوير الجهاز اللي تعبت قلبكو فيها ..
عمر: ربنا يكرمها و تترد لها في الفرح دايما يا رب ..
ام عمر: مانا برضه كنت باكلم اختك النهاردة في البحرين وقالت لي انها حاتجيب حاجات لمريم وهي جاية ..
تمتمت سارة: رجعت ريمة لعادتها القديمة ..
سارة: ربنا يخليهم لنا كلهم يا ماما ويقدرنا على رد جمايلهم دي ..
هنا دخل عليهم يحيى مقتحماً وهو يصيح: الحئي يا ماما، الحقي مريم ..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Facebook Twitter Favorites More