[الجزء الرابع] الحلقة السابعة

افاقت سارة لتجد نفسها محاطة بالاجهزة وموصل بذراعيها كانيولا وجهاز قياس للنبضات والضغط .. اخر ما تذكرته هو دخولها الحمام ثم الرعب القاتل الذي انتابها عندما فوجئت بنافورة دم تخرج منها .. ونادت بصوت واهن يحيى ابني ..عمر .. إيه اللي حصل؟
وفي لمح البصر هرع عمر إليها قائلاَ: حمد الله على السلامة يا حبيبتي ..
سارة: ايه اللي حصل يا عمر؟
عمر: الظاهر انك بذلتي مجهود جامد في الشقة يا سارة، فحصلت لك ولادة مبكرة .. لكن انت احسن دلوقتي، والدكتور طمنا عليكي ..
سارة: فين البيبي؟ انا مش سامعه صوت ليه ..
فجاءت امها مسرعة تقول: مريم بخير وزي الفل الحمد لله .. بس هي....
سارة: مريم؟ انا جبت بنت فعلا؟ الحمد لله والشكر لله .. هي فين يا ماما؟ شكلها ايه؟
سارع عمر: هي في الحضانه يا حبيبتي عشان ناقصة نمو شوية .. لكن ان شاء الله حاتبقى كويسة ..
سارة باكية: يا حبيبتي يا بنتي .. انا عايزة اشوفها .. عايزة ارضعها واحضنها ..
وطفقت سارة تتلمس بطنها في شوق كانما انتزعت منها قطعة من قلبها .. لا لقد انتزعت منها فعلا ..
عمر: لا يا سارة ما تعيطيش كده .. هي ان شاء الله بخير وبكرة ياما تشيليها وترضعيها .. و...
سارة: بكرة؟ انا عايزة بنتي دلوقتي .. وديني يا عمر عندها ..
وحاولت القيام من سريرها لكنها كانت اضعف من ان تتحرك .. فارتدت واهنه في مكانها ..
وهنا جرى اخوها اليها: يا حبيبتي ما تخافيش عليها هي بخير وشبهك وزي القمر .. ما تخافيش مش شبهي .. هاها ..
سارة: انت هنا يا احمد؟ خدني ليها عشان خاطري .. نفسي اشوفها ارجوك يا احمد ..
تدخل عمر: انتظري ثواني، انا حانادي للدكتور أجيب كرسي متحرك .. ثواني ..
خرج عمر من الغرفه لكن سارة لم تطق الانتظار، فنزعت الكانيولا من ذراعها وجهاز النبضات بشدة و صاحت باكية: شلني يا احمد .. ديني اشوف بنتي دلوقتي ..
فاحتار احمد ماذا يفعل لكنه فوجىء بامه تامره: معلش يا احمد ريحها .. الحضانة قدامنا ..
وطى احمد و شال سارة زي الطفلة، وتعلقت هي في رقبته وهي بتفتكر لما كانت بتشيله وهو لسه بيبي صغير، ودلوقت ما
شاء الله بقه راجل ..
وهناك امام زجاج الحضانة طلبت منه الا يدلها على طفلتها لانها ستهتدي اليها وحدها بقلبها .. وفعلا لم يخبرها احمد اين طفلتها .. وفى وسط الاطفال نزلت دموع سارة وهي تبحث بعيني راسها عن مريم، بعد ان راتها بعيني قلبها .. وجدت طفلة نائمة مستكينة وبراءة الدنيا في وجهها الصغير .. وسالت احمد و هي تشير اليها: هي دي يا احمد؟ هي دي مريم؟
رد احمد من بين دموعه: ايوه يا حبيبتي، شفتي بقة انها كويسة و نايمة زي الملاك .. يا للا نرجع بقه ..
سارة: انت بتعيط يا احمد .. للدرجة دي متاثر؟
احمد: لا لا انا بس دراعي اتملخ .. يا للا بقة نرجع، ماشي؟
فكرت سارة:
دايما الرجالة كده يكرهو حد يشوفهم متاثرين ودموعهم نازلة .. لا تقريبا هوه فعلا دراعه واجعه، مانا لسه والدة ووزني بتاع
تمانين كيلو، مش شوية يعني، و اشفقت عليه وطلبت منه اننا ترجع الاوضه ..
و سبحان الله رجعت سارة غرفتها في حال غير الحال، كانت مبتسمة وهادئة بمجرد ان رات صغيرتها واطمانت عليها .. وفوجىء عمر بها عندما دخل تجلس على الكرسي وليس على السرير والدموع في عينيها وهي تقول: انا شفت بنتنا يا عمر ..
انا شفت مريم .. اللهم لك الحمد والشكر ..
رد عمر: حمد لله على سلامتك انت، دي اهم حاجة عندي .. ماما كلمتني دلوقتي و بتقول يحيى عايز يشوفك ضروري ..
سارة: خليه ييجي .. حد يجيبهولي احسن انا حاسة اني بقالي سنين ما شفتوش .. أو انا حاروح لها تاني دلوقتي ..
عمر: لا لازم تلبسي لبس تاني معقم وتستعدي عشان تدخلي عندها الحضانة ..
وفي اللحظة التي لمست سارة خد مريم الناعم بيدها، واحست بمعجزة الميلاد للمرة التانية في حياتها، آمنت اكثر بالاية
الكريمة { وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ } .. فعلا سبحان من اخرج كيانا من كيان ..
اللهم اني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم .. اللهم اهدها يا رب و اجعلها من الهادين المهتدين ..
عندما ولدت يحيى تخيلت انـّني لن اقدم على هذا العمل مرة اخرى اطلاقا في حياتي .. لكن هاأنذا ومريم بين يدي ..

قال عمر:
الحمد لله .. سارة ومريم تجاوزتا مرحلة الخطر .. لقد ابيض شعر راسي خوفا عندما ابلغني الطبيب ان هنالك خطورة على حياة سارة لو استمر الحمل .. وتمنيت من الله ان يحفظهما الاثنتان من كل سوء، وما هو على الله ببعيد .. اللهم لك الشكر والحمد يا الله ..
شقه جديدة و ابنة في نفس اليوم .. انا حاسس ان مريم دي حاتكون وش السعد على ابوها .. لكن يحيى محتاج لي اوي اليومين دول، لما رحت البيت لقيته زعلان وبيعيط وحاسس ان الدنيا فضيت حواليه ..
برضة احنا محتاجين نعامله معاملة خاصة الايام الجاية عشان ما يحسش ان هوه اتركن على الرف .. برضة الاطفال ما يفهموش ..
قالت سارة:
اخيراً خرجنا من المستشفى ومعانا القمورة مريم .. دي جميلة اوي .. ده رأيي انا بس؟ مش عارفة .. بس ما حدش يستجري
يقول عليها نص كلمة .. هما عايزين البنت تبور من اولها ولا اييه؟؟
حبيبي يحيى وحشني اوي .. وتصرفاته بقت غريبة اوي، أصر ينام جنبي رغم انه بقاله سنة كاملة بينام في اوضته .. وكمان شافني بغير لمريم الحفاضات راح عملها على نفسه رغم انه معملش الموضوع ده من مده طويلة ..
كمان دخلت الحمام وخرجت لقيته بيحاول يشيل مريم من سريرها!!
انا حاسه انه عايز اربعة وعشرين ساعة مراقبة .. ده صحيح زي ما بيقولو الخلفه التانيه غير الاولى خالص فى كل حاجة .. عشان بيكون في طفل اول عنده مشاكله وعنده احساس بعدم الامان بعد ما كان الكل في الكل .. عشان كده طلبت من عمر يشتري مرجيحه ليحيى و يقوله ان اخته هي اللي جابتها ..
و كان رد يحيى: دابتها منين؟ دي اثاثا مث بتعلف تمثي (جابتها منين؟ دي اساسا مش بتعرف تمشي)
رد عليه عمر: لا هي اللي قالت لنا نجيبها عشان يحيى ..
يحيى: هي مث بتعلف تتكلم بلدو .. ايه ده؟؟
و جرى غاضبا و تركنا ..
طب نعمل ايه بس؟ ما عدش فيه حد اهبل خاااااالص .. لكني بعدها اقنعته ان اخته بتحبه اوي عشان هوه اخوها الكبير الجميل و حياخد باله منها لما تكبر .. كمان قللت من حملي لمريم طالما هي ما بترضعش او بتغير، وبشيل يحيى .. وساعات كمان اطلب من عمر ياخده يخرجه ويوديه الملاهي او النادى عشان يغير جو ..
و جاء عمر اليوم يطالب ان ياخذ مريم ليحلق لها راسها ..
سارة: بص يا عمر، ايام يحيى انا رضيت عشان قلت اهو راجل، والراجل ما يعيبوش الا جيبه .. لكن الا بنتي، لو حلقت لها يا عمر حاكتئب وكل ما اشوفها قرعه حاعيط ..عشان خاطرى بلاااااش تحلق لها و حيات اغلى حاجة عندك ..
و انضمت لي حماتي لاول مرة في التاريخ المعاصر وقالت لعمر: لا يابني، شوف انت تصدقت بكام فضة عن يحيى وادفع نفس القيمة من غير ما تحلق للبنت .. خليها كده دى شعرها جميل وناعم خسارة ..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Facebook Twitter Favorites More