[الجزء الرابع] الحلقة السادسة

قالت سارة:
هل اعراض الحمل مختلفة هذه المرة عن المرة الاولى ام هي انا التي كبرت واختلفت واصبحت اكثر احتمالا؟ هل فعلا تكتسب المراة قدرة على التكيف بعد اول مرة للحمل؟ هل يقل خوفها الغريزي والطبيعي على الجنين وعلى نفسها وتنقطع الكوابيس المتصلة بصحة الطفل وبحياة الام نفسها؟
خلال حملي في يحيى، كلما كنت اقرأ عن عرض من اعراض الحمل افاجأ باصابتي به في نفس اليوم، اما الان فاحس بقدرتي على التكيف .. ايضا وجود حماتي رفع الكثير عن كاهلي لان العرض الوحيد الذي لم اتخلص منه هو النوم الكارثي، بمعنى انـّني انام ثمانية عشر ساعة في اليوم!!
و لقد توصلت لحل رائع لكل مشاكلي مع حماتي، بالاضافة الى ان الغربة وعيشتها مع ابنتها بالخارج جعلتها تحس بشعور الابنة التى تحتاج لكل لحظة حب وحنان من زوجها .. الله يهديها ..

قال عمر:
كنت حامل همّ حمل سارة المرة دي بسبب اللي شفته في حملها المرة الاولانية، نرفزة و عصبية وخوف مرضي، لكن المرة دي حاسس بيها هادية ورايقاااه .. حتى وشها اصبح اكثر جمالاً ..
اما مشاكل ماما معاها اصبحت من الماضي بعد ان توصلت سارة لمفتاح سر الحياة!!
طلبت مني بنفسها الا الاطفها او ادللها في وجود ماما، و ان اعجب دائما بالاطباق التي تعدها ماما اكثر من التي تعدها سارة .. لئيمة سارة دي و بكدة تتولى ماما الاكل كل يوم عشان ابنها حبيبها هاهاها ..
لدرجة ان ماما اصبحت الان حين تختلى بي تطلب مني ان اتلطف شويه مع ساره عشان هي حامل .. ومرة قالتلي يا عمر يا بني رفقا بالقوارير .. سبحانه مغير الاحوال ..
و فى يوم دعتني ماما لتناول القهوة معها في البلكونة عصرا، وكانت سارة نائمة كالعادة ..
ام عمر: عمر انا عايز اكلمك في حاجه كدة بخصوص الشقه بتاعتي ..
عمر: خير يا ماما ..
ام عمر: يعني المكان هنا بقة ضيق عشان ماشاء الله يحيى كبر، وكمان لما ساره تقوم بالسلامة حايكون الوضع اسوأ ..
عمر: اوعي يا ماما تفكري ترجعي بيتك، انتي مالية علينا البيت .. وكمان سارة ما بقتش تستغني عن وجودك ولا حتى يحيى ..
ام عمر: انا ما قلتش كدة، انا كمان ما قدرش ع الوحده .. صحيح في غيري ستات بتقعد لوحدها عمر بحاله، لكن انا يا عمر ما قدرش .. بص يا بني الشقة دي كانت تمليك وباسم ابوك الله يرحمه، يعني حقك انت واخواتك .. ورث يعني .. انا عايزاك تبيعها وتدي كل واحدة من اخواتك نصيبها، وانت كمان تاخد نصيبك و نصيبي عليه وتبيع الشقة دى وتجيب شقة واسعة شوية تكفينا كلنا ..

فكـّر عمر: معقول ماما تسيب شقتها وموطن ذكرياتها تتباع كدة؟ كمان دي فى مصر الجديدة وشقة جميل، يعني تجيب مبلغ كبير .. ربنا يخليكى يا امي ..
رد عمر على أمه: الله يخليكى لينا يا ماما .. انت متاكده يا ماما .. طبعا انا بيتي هوه بيتك طول عمري ومن بعدي كمان، لكن انا خايف تندمي على القرار ده ..
ام عمر: يا حبيبي انا مش حاعيش قد ما عشت، وانا نفسي اشوفك انت ومراتك وولادك مبسوطين .. وحتى سارة بقت زي بنتي دلوقتي، وعايزاك تفرحها بنفسك عشان انا ما قلتلهاش حاجة لحد دلوقت ..

لم يتمالك عمر نفسه و انهال على راس امه بالقبلات، وهو يتمنى لها طول العمر ويعدها انها على راسه ما دامت حياته .. وفى هذه اللحظة صحت سارة من النوم ووجدت هذا الموقف الدرامي، ولم تتمالك نفسها من الدهشة الممزوجة بالسعادة الغامرة حين علمت بما تنتويه حماتها ..

عمر: بس لازم نسرع يا سارة في البحث عن مشترين للشقتين .. وكمان عايزين شقة حلوة كدة وواسعة تكفينا يا حبيبتي ..
سارة: انا من بكره حاكلم احمد اخويا ينزل معايا نلف على شقق .. وكمان حادور على النت ممكن الاقي حاجة كويسة ..
عمر: طبعا انا عارف ان الاسعار نار، بس حتى لو لقينا شقة اغلى من ثمن الشقتين ممكن نقسط الباقي .. بس ربنا يسهل ونلاقي حاجه كويسة يا رب ..

و بدأت سارة فعلا رحلة البحث من ثاني يوم .. كان اسهل شيء ايجاد مشترين حيث ان شقة حماتها متميزة وفي مكان متميز، كمان شقة عمر رغم صغرها فقد احاط بها العمار من كل جانب .. وبعد ان كانت سارة تصفها انها قبل السويس بكام كيلو اصبحت بقدرة قادر بعد التجمع الخامس والاول في وسط البلد ..

عمر: الحمد لله بعت شقة ماما بثمن مناسب جدا، لكن بعد توزيع الانصبة ومنهم نصيب ماما الذي رفضتُ تماما ان المس قرشا منه، اصبح الباقي لا يكفى الا مقدم شقة جيدة .. و معانا ربنا عشان نبيع شقتنا كمان ..
ساره شافت انه مش المفروض نبيع كل محتويات شقة ماما، فا حتفظت بالصالون والسفرة وغرفة نوم ماما القديمة .. وانا مش فاهم ليه بس هي استأجرت غرفة وخزنت فيها هذه المقتنيات التي وصفتها بانها لا تعوض ..
وبالفعل بعد رحلة بحث مع اخوها احمد ربنا يكرمه، لاني كنت مشغول ع الاخر، وفقنا الله في شقة رائعة واسعة ومشمسة وفيها حمام في اوضة النوم وثلاث اوض كبيرة وريسبشن رائع ..
بس يادوب كل الفلوس اللي معانا تكفي مقدم والباقي ربنا يقدرنا على اقساطه .. سارة وماما شايفين ان احنا باذن الله بقليل من الحكمة نقدر نوفي الاقساط دي على خمس سنين .. عشان العمارة كانت ملك لوالد صاحب احمد من الكلية، عشان كده كان مهاود معانا في فترة الاقساط ..

قالت سارة:
اكتشفت ان الشقة الجديدة اوسع من شقتنا بمراحل، وان فرشي كله مش حايبان لو اتحط فيها، خاصة انى كنت شارية غرفة نوم سبور وصغيرة .. ويا دوب الانتريه يتحط في ركن و الصالون في ركن والباقى حانقضيه كده مساحات فاضية على راي كابتن محمود بكر .. عشان كده طلبت من عمر ما يتصرفش فى فرش مامته ..
بس طبعا كانت حالته سيئة من الزمن و اثره، فقررت اني انزل اشتري شوية اقمشة جديدة واتفق مع نجار شاطر واستورجي كويس، وكانت النتيجة اكثر من مبهرة ..
حتى غرفة نوم حماتي اللي كانت شبه القطع الفرعونية بقت زى اوضة العروسه بعد ما غيرت لونها وخليتها حاجة تانية خالص .. طبعا كل ده من غير ما اقول لعمر، واعتمدت على مدخراتي البسيطة عشان ربنا كان عالم باللي هوه فيه .. علطول سرحان وشايل الهم ..
وفي وسط ده كله افتكرت حنان صاحبتي اللي رفضت عريس اتقدملها عشان شقته ضيقة .. ثقافة شقة العمر دي كانت زمان، كان الناس تعيش و تموت فى مكان واحد .. لكن لو كل اتنين آمنوا ببعض وعرفو ان ممكن يبدأوا بداية بسيطة وفيما بعد ربنا حايساعدهم كانت مشكلة عدم الزواج دي انتهت تماما ..
و كل المجهود ده عملته وانا حامل، ومع ذلك كنت سعيدة سعادة لا توصف بكل فرشة دهان بتتعمل في الشقة، وطبعا الباشمهندس عمر تدخل بلمساته المعمارية الرائعة .. بس برضه ذوق الستات لا يعلى عليه ..
يعنى اشتريت حاجات بسيطه باسعار قليله جدا و مع ذلك عملت فرق؛ شريط ديكور، ورق حائط، دباديب ملونة لغرفة يحيى، وزيه بس برسومات ناعمة لغرفة نومي و لغرفة حماتي، سجادة صغيرة بس الوانها جميلة في مكان فاضي ما فيهوش موبيليا و عليه مخدات ملونة ..
المهم ان يوم دخولي لشقتي الجديدة كان وانا في منتصف شهري الثامن، كنت سعيدة زي يوم دخلتي .. ويمكن اكتر كمان .. اللهم لك الحمد ..

قال عمر:
لحد دلوقت انا مش مصدق الطاقات الفنية والابداعية اللي تفجرت عند سارة، و اللي هي نفسها ما كانتش عارفاها في نفسها .. وكلـّه كوم واللي عملته في فرش ماما كوم تاني ..
ماما عيطت وحضنت سارة لما شافت اوضتها، وما عرفتش إن دي اوضتها القديمة الا بعد فترة تدقيق .. وخاصة ان سارة حرصت على وضع صورة كبيرة لماما وبابا وكمان لي انا و اخواتي من واحنا صغيرين لدلوقت، وكمان صور للاحفاد كلهم .. وماما سمت الحائط ده في اودتها حائط الذكريات ..
كمان سارة عملت ركن في غرفة ماما وحطت عليه المصحف على حامل كبير عشان ماما تقرا القرآن بحروف كبيرة من غير ما تضطر تشيله .. وكان منظره وسجادة الصلاة تحته والسبحة على الحائط غاية في الجمال .. وانا باقول ليه سارة كانت حريصة في ايام الفرش واللمسات الاخيرة تاخد مامتها واخوها وما تاخدنيش معاها ..
و فى اول يوم لينا يى بيتنا الجديد حسيت اني باتولد من جديد، واول حاجة عملتها اني صليت صلاة شكر عميق لله انا وماما وسارة .. وحتى يحيى حبيبي كان ورانا بيقلدنا في حركات الصلاة ..
و بعد الصلاة دخلت سارة الحمام، وبعدين سمعت صوتها بتصرخ: الحقني يا عوماااااااااااااااااااااار ..


تنويهات:
1. ورد في هذه الحلقة أنّ سارة قامت بتعليق صورة والد ووالدة عمر وإخوانه، وتعليق الصور بهذه الصورة أمر غير جائز لنهي النبي صلى الله عليه وسلـّم عن اتخاذ الصور، ولما في هذا من محذور تعظيم لها .. وهذا أمر استهان به كثير من الناس والله المستعان .. والفتوى المذكورة في الرابط التالي فيها شيء من تفصيل: http://www.islam-qa.com/ar/ref/7918
2. لا يوجد في ديننا صلاة تسمى صلاة الشكر، بل الوارد عن رسول الله صلى الله عليه وسلـّم هو سجود الشكر، ففي حديث أبي بكرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسره وبشّر به خر ساجدا شكرا لله تعالى .. فهي سجدة فقط وليست صلاة بركوع وسجود وتسليم ..
الروابط أدناه تحوي شيئاً من تفصيل في أمر سجدة الشكر وما يقال فيها:
- صفة سجدة الشكر: http://www.islam-qa.com/ar/ref/5110
- ماذا يقول في سجود الشكر؟: http://www.islam-qa.com/ar/ref/21888

والله الموفـّق .. مشرف الصفحة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Facebook Twitter Favorites More