
يااااا سلام على رواقة الرجالة، بعد الغداء أخبرني عمر إنه نازل يقابل أصحابه، وبعدين ح يعدي على والدته وحيتأخر، ولما أخبرته إني ح اعمل أكل الأسبوع نظر لي باستغراب وقال لي: طيب، مع السلاااااااامة ..
بجد أنا زعلانة منه .. طيب يا عمر لما ترجع ..
قــال عمــر:
لازم سارة تتعوّد إن كلامي يتنفّذ ولما أقول مش ح اساعد يبقي خلاص .. لازم تتعود على كده ويبقي هو ده نظام الحياة بيننا .. ح تزعل شوية في الأول وبعدين خلاص ح تتعود .. مع إن مش هاين عليّ زعلها ..
طيب أكلمها على الموبايل بعد شوية؟!. لا .. إجمد بقي يا عمر، لو اتعودت إنك تساعدها في كل حاجة حيبقي حق مكتسب، ولو ما عملتوش حنروح النيابة !!.. لا وعلى إيه، تزعل شوية وخلاص ..
قــالت ســارة:
طيب أنا مفروض أعمل إيه دلوقتي بالضبط؟ أنا الأول أرتّب الشقة لأن التراب من قفلتها أسبوع يترسم عليه خرايط .. ولسه ح افضّي الشنط، وأغسل الهدوم اللي كانت معانا في اسكندرية، وبعدين أطبخ كذا صنف أشيلهم في الفريزر علشان يكفّوا الأسبوع كله .. يارب يخليكي لينا يا ماما كنتي شايلة الهم ده كله عني، وأنا كنت أتنّح قدام التليفزيون ولاّ أرغي في التليفون وخلاص .. والأهم إن معلوماتي عن الطبيخ محتاجة مترجم يفك رموزها الهيروغليفية .. ربنا يستر ..
هي اللحمة شكلها غريب كده ليه؟ .. طيب مش مهم .. أعمل إيه تاني؟ مسقعة؟ ياسلام، ده أنا باموت فيها، بس عمري ما شفت ماما بتعملها إزاي؟ هي فيها باذنجان وحاجات تانية غريبة …… يامااااااااما الحقيني ..
وجريت كلمتها على التليفون وقعدت تهزّأ فيّا الأول إنها ياما قالتلي أتعلم ومفيش فايدة إلخ إلخ إلخ ..
المهم إنها قالت لي الطريقة مع استخدام ألفاظ غريبة؛ تعملي اللحمة ع الصاج الأول!!!.. أجيب منين صاج دلوقتي ياماما؟ وطبعا يصحب هذا وابل من التريقة والدعاء لعمر بالصبر على ما ابتلاه .. وطالت المكالمة ساعتين وماما تشرح لي كأن كلامها كله طبيعي ومفهوم، وأنا من كتر التريقة اللي خدتها لم أسأل عن أشياء كثيرة، وقلت أعتمد على خيالي الخاص .. وتوكلت على الله وبدأت المعركة الحقيقية؛ أضرب الطماطم؟ لا أسلق المكرونة الاول!! طيب أقطع البطاطس شرايح ولا قطع؟!!. أنا باقول مثلثات وخلاص ..
إيه حدوتة الملوخية دي لازم أقعد أخرطها ساعتين؟ .. لا حأهريها في الكبة وخلاص، بس مش عارفة اتكورت كورة صلبة في قاع الحلة كده ليه؟
صينية البطاطس وضعتها في الفرن مباشرة، بس حاسة إني نسيت حاجة فيها .. هيّ ليه لسه صلبة رغم إن بقالها ساعة ونصف في الفرن والقاع إتحرق ومع ذلك لسه ناشفة؟!!!
ياربي إيه الوقعة دي، كان مالي أنا؟!!.. مانا كنت أميرة زماني وآخر رواقة .. خلاص اللي اتعمل اتعمل .. طيب لو عمر اتكلم؟؟!!!!
ييييييييييييييييه .. أنا نسيت الغسيل .. طلعت البلكونة أنشره وقعدت أفتكر إيه بيتنشر الأول وإيه اللي ورا؟ طيب إيه من رجله وإيه من قفاه؟ إيه الفيلم ده.!؟؟
دول الستات دول ناس رايقة، ما كله ح ينشف وخلاص .. ولاحظت وجود سيدة أروبة في البلكونة تراقبني كي ترى العروس الميمونة اللي هي أنا ح تنشر إزاي؟.. ولا همّني من نظراتها وعملت كرنفال من الهدوم؛ أبيض على أحمر على أخضر واديله .. المهم ينشفوا وخلاص ..
ورجعت للكارثة الموجودة في المطبخ وتذوقت ما طبخته وصرخت: ياللهول .. على رأي يوسف وهبي .. طيب والحل؟
فتحت الفريزر لأجد ماما حبيبتي وكأنها عارفة المصيبة اللي ح أعملها حاطّة كمية كبيرة من أكياس الهامبورجر والدجاج النصف مقلي والطبخات السريعة .. الحمد لله كنت ح أطلّق وأنا لسه في شهر العسل ..
يااااخبر، ده عمر بيرن على الموبيل، إذن هو في الطريق، وطبعاً ملابسي لا توصف من القنابل اللي كنت باعملها في المطبخ .. كرنفال من البصل والثوم والزيت .. لمّيت الكوارث اللي عملتها ووضعتها في الثلاجة وجريت على الحمام وأزلت اثار العدوان وغيرت ملابسي .. أمال هم بييجوا في التليفزيون بيطبخوا وكأنهم رايحين سهرة ليه؟
ودخل عمر وبسرعة أظهرتُ البوز المتين على غلاسته معايا قبل ما ينزل وانتظرت أن يأتي يصالحني كالمعتاد ولا فائدة .. ثم لاحظت أنه متعب ويتنفس بصعوبة، فجريت عليه أنا وقلت له: مالك يا حبيبي .. إنت تعبان؟.. وأخذت أمسح له عرقه وأسقيه الماء وأنا أكاد أبكي وأقول له: ان شا الله أنا وإنت لأ يا حبيبي .. وأنا ممسكة يده الضعيفة ..
وفجأة .. اشتدت قبضته عليّ، وجذبني إليه، وضحك بقوة وقال: لما انتي بتموتي فيّا كده ما تكشّريش أبداً في وشـّي .. اتفقنا؟
قــالت ســارة:
استيقظت منتفضة على رنين المنبه المزعج وإعلانه الساعة السادسة والنصف صباحاً، وشعرت بألم في كل جسدي فأنا لم أنم سوى ساعتين بعد صلاة الفجر التي صليناها أنا وعمر .. واليوم هو أول يوم نعود فيه إلى لعمل .. وطبعا عمر ولا على باله، فعمله قريب من منزلنا الجديد، تقريبا ربع ساعة بالسيارة، أما انا فيبعد حوالي ساعة وربع في أفضل الظروف، ولم أكن أشعر بهذا قبلاً بل كان قريباً من منزل أبي وأمي، أما الآن فلازم ألف الكرة الأرضية علشان أوصل عملي ..
والأسوأ أن عمر لن يستطيع توصيلي لأن جهة عملي وجهة عمله مختلفتان تماماً، فلو أوصلني أولاً فسيصل هو إلى عمله بعد أذان الظهر، وسيرفدوه بإذن الله ونشحت على باب السيدة بعد أسبوع على الأكثر .. إذن لا مفر من حرب المواصلات الرهيبة أن أخوضها وحدي ولا أستطيع حتى الشكوى، لأن عمر من البداية غير موافق على عملي، ولكني أصريت، فلا أستطيع حتى التنفس بكلمة واحدة ..
الحمد لله أنا لا أفطر، يعني ح ألبس بسررررعة جداً وأجري لألحق بالميكروباص الشيك جداً، لعلي أصل في موعدي في أول يوم، مش ضروري كرامتي تتبعتر من المدير وأنا عروسة كده ..
إرتديت ملابسي على عجل وأخّرت إيقاظ عمر إلى آخر لحظة كي ينام قليلاً .. وبعد إتمام ملابسي وارتدائي الطرحة والشنطة كمان إقتربت منه وقبلته في جبينه وهمست له: صباح الخير يا حبيبي .. إصحى بقي كفاية كسل .. رد عمر متثائباً وقال: صباح الفل يا حبيبتي .. إيه ده إنتي لبستي بسرعة كده؟ كان نفسي أوصلك، بس بعون الله لما نلف القاهرة كل يوم حنترفد أنا وإنتي جماعة ..
أنا: ولا يهمك يا حبيبي أنا قدها وقدود .. على فكرة حتوحشني لحد ما أرجع .. يالا مع السلامة أحسن كده اتأخرت ..
عمـر: وانتي أكتر يا حبيبتي بس امتي لحقتي تحضري الفطار؟ انتي صحيتي امتي على كده؟
أنا: فطار؟!!! إيه الكلمة الغريبة دي؟ ما انت عارف إني مش بافطر يا حبيبي؟!! وبعدين مفيش وقت خالص ..
فرد بعناد: بس أنا بقي بفطر وخصوصا قبل ما أروح الشغل، لازم أفطر فطار متين علشان مش باكل برة وبأفضل عليه لحد ما أرجع .. والدتي كانت معوّداني على كده ..
رديت في سري وأنا أنظر للساعة: الله يسامحك يا حماتي، أي حاجة حلوة تبقي من ناحيتك على طول! طيب والفطار المتين ده يبقي إيه يا سيدي؟
عمر: عادي زي كل الناس؛ بيض مسلوق أو عجة، وطبق فول بالزبدة، ولانشون، وجبنة، وزيتون، وزبادي، وطبق خضار كبير؛ خيار وطماطم وخس متقطعين شرايح رفيعة خالص .. وطبعاً كوباية حليب، وبعدها شاي وخلاص ..
أنا: يا خبر أبيض، ده لو كل الناس بتفطر كده ممكن تحصل مجاعة في البلد .. وبعدين اللي إنت بتقوله ده عاوزله ساعة على الأقل، وأنا متأخرة يا عمر ..
رد بعناد أكبر: ما أنا قلت الشغل مش ح ييجي منه غير وجع القلب .. يعني إنتي عاوزاني أنزل من غير فطار يا سارة؟!!
أنا: لأ إزاي؟ .. أترفد أنا في داهية علشان تفطر الفطار المتين يا سيدي .. قلتها في سري طبعاً، وأنا أكاد أبكي وأنا متجهة إلى المطبخ لإعداد وليمة الفطار لسي السيد ..
توجهت إلى المطبخ وأنا أجري مثل البهلوان، أضع البيض على النار، وأقطع الخيار، وأخرج الجبنة من الثلاجة، وأسخن الفول ووووو… مش ممكن كل ده حياكله .. أبداً .. ده أنا طول عمري باتريق على المسلسلات التي تجعل جميع الأسرة صباحاً يجتمعون على مائدة الإفطار وعليها عشرة أصناف على الأقل، وكان بيستفزني جداً طبق البيض المسلوق الموضوع به 40 بيضة، والشاي لابد أن يكون مقدم في طقم كامل؛ البراد والسكرية وخلافه .. يعني لازم الزوجة علشان تعمل الهيصة دي كلها تبتدي تحضر الفطار من أذان الفجر تقريباً، أو ما تنامش أسهل وخلاص، علشان الباشا يفطر الفطار المتين ..
أخيييييراً .. إنتهيت ووضعت الأطباق على السفرة وكان الباشا بيقرأ الجريدة بمنتهي الرواقة، وصببت الشاي فصرخ وأنا أصبه: لا يا سارة، أنا قلت لك الحليب الأول وبعدين الشاي ..
فنظرت إلى ساعة يدي وجدتها الثامنة إلا ثلث، فكدت أبكي، ولم أرد أن أبدأ اليوم بخناقة، فرديت عليه من تحت أسناني: معلش يا عمر، فيه شاي تاني كتير .. أنا نازلة بقى أصلي اتأخرت جداً جداً ..
رد وقال: طيب يا حبيبتي إفطري الأول ..
قلت: حبيبتك؟!!! طيب باااااااااااي ..
ونزلت من العمارة وانا أجري تقريباً، وأكيد البواب قال يا عيني دي العروسة الجديدة الظاهر واخدة علقة على الصبح وهربت من العريس ..
مشيت مسافة طويلة حتى موقف الميكروباص لأن الميزانية لا تسمح بتاكسي بالطبع!! وانتظرت طويلاً حتى وجدت مكان فاضي، وركبت وسرحت في الطريق وأنا أفكر أن هذه هي البداية الجادة للزواج، لابد فيها من تعب وإرهاق ومسئولية كبيرة ..
الله يكون في عونك يا ماما طول عمرها بتشتغل وعمرها ما أشعرتنا بأي تقصير ..
أنا كان مالي ومال الحدوتة دي؟ ما كنت مريّحة دماغي، ولا فطار متين لا مواصلات ولا بهدلة .. بس إيه البديل؟ الوحدة؟! الصمت؟! الفراغ والاكتئاب؟! .. العنوسة بكلمة أشمل؟ .. لا طبعاً، مهما بذلنا من جهد في دائرة الزواج أفضل بكثير جداً من الراحة خارجه .. ربنا يخليك لي يا عمر وتفطر كل يوم .. بس ربنا يستر من المدير وغلاسته ..
قــال عمــر:
“أهلاااااا يا سي عمر .. إيه يا عم جاي في ميعادك تمام .. ألف مبروك يا عريس، أيوة كده وشك نوّر على الجواز!!! يالا يا سي عمر إحكي لنا كل حاجة بالتفصيل!! ولا أقول لك بلاش، إنت إيه رأيك الجواز حلو ولا زي ما بنسمع من الرجالة؟”
كان هذا إستقبال زميلي في العمل لي .. فرددت عليه قائلاً: يا سيدي الله يبارك فيك، والله الجواز ده أكبر نعمة للرجل، واللي يقول غير كده يبقي جاحد للنعمة بصراحة ..
قال زميلي: ياعم ياعم، طيب يا سيدي ربنا يسعدك، لما نشوف رأيك إيه بعد سنتين ..
قــالت ســارة:
“ألف مبروك يا عروسة، ناموسيتك كحلي .. متأخرة ساعة بحالها .. طبعاً يا ستي مين قدك، ده انتي حتى شكلك ما نمتيش كويس .. طبعا يا ست العرايس ربنا يسعدك .. يالاّ بقي إحكي لنا كل حاجة بالتفصيل الممل .. إلاّ صحيح يا سارة العريس لازم يحضّر الفطار لعروسته بنفسه؟”
كان هذا استقبال زميلتي لي .. فرددت عليها قائلةً: أيوة طبعاً، لازم يحضر لها فطار متين كل يوم!!!!
وطبعاً إستدعاني المدير، وأخذت كم لا بأس به من الكلام البارد على تأخيري، وتلميح على إن لو كان الجواز حيغيّرني يبقي أقعد في بيتنا أسهل أقشّر بصل ..
قــال عمــر:
يا حبيبتي يا سارة وحشتيني الكام ساعة دول .. لمّا أبعت لها رسالة علشان تعرف إني بافكر فيها ..
“يا تري يا قمر بتفكر فيـّا زي ما بافكر فيكي؟؟”
فردتْ على الفور: “أنا كمان بافكر فيك يا حبيبي، وقلقانة عليك من طن الأكل المتين اللي أكلته الصبح .. ربنا يستر وماتاكلنيش وأنا نايمة” ..
قــالت ســارة:
أخيراً إنتهى اليوم، الساعة الثالثة وعمر ينتهي من عمله في الخامسة .. ياااااااارب ألحق أوصل بسرعة وأحضـّر الغداء ..
ورجعت في نفس رحلة العذاب الصباحية في المواصلات، ولكن مع الحر والرطوبة، ما شاء الله ما أقدرش أوصف شعوري ..
وصلت بيتي الساعة 4 وتلت تقريباً، يعني ساعة وعمر جاي، وأنا أكاد أقع من التعب وقلـّة النوم .. طيب ياربي ح ألحق آخد حمام من الحر الفظيع ده؟ ولاّ أجهز الغداء؟ ولا أرتب البيت؟.. فسيادته لم يرفع حتى أطباق معركة الفطار الصباحية ..
لم أعرف ماذا أفعل، فوقفت في منتصف الصالة وصرخت: تعاااااالي لي يااااااااااامامااااااااااااا ……..
ا[اتنين متزوجين]ا – الحلقة السادسة
قــالت ســارة:طيب أنا أحط اللحمة تتسلق الأول علشان بتاخد وقت، وبعدين أشغّل الغسالة .. بس لازم ألبس جوانتي علشان ريحة البصل، علشان عمر لما ييجي .. ولا ليه .. خلّيه يشم البصل .. مش هو اللي سابني في الحرب دي .. يستحمل بقى ..


0 التعليقات:
إرسال تعليق