
“أنا بس عاوز أعرف إشتريتي كل الحاجات دي إمتى، ولحقتي ترتّبي كل ده إزاي؟” قالها لي عمر ونحن في السيارة عائدين إلى القاهرة .. قالها وهو يشعر بالفخر الرجولي أن زوجته أعدّت له ليلة من ألف ليلة من أجله هو فقط ..
رديت عليه بدلال وأنا أغالب النوم بشدة: ده سر المهنة يا سيدي .. المهم تكون سعيد وراضي عني ..
“ربنا يخليكي ليّ يا حبيبتي .. ويارب تفضلي كده على طول .. وأنا كمان محضرلك مفاجأة، ماما اتصلت وقالت إنها عازمانا على الغداء دلوقتي حالا أول ما نوصل” ..
ياااااااااااسلااام على المفاجأت الحلوة!! .. إيه الهنا ده؟ .. بداية تفرح بصحيح!! .. ده وقته يا ربي؟!! الواحد يستعد لوصلة حرق دم محترمة ..
ردّدت هذا في سري بالطبع ويبدو أن علامات خيبة الأمل كانت ظاهرة على وجهي، فسألني عمر: مالك يا سارة؟ إنتي مش مبسوطة ولاّ إيه من المفاجأة؟
رددت بسرعة: لأ ازاي، ده أنا ح اطير من الفرحة دي، طنط وحشتني جداً .. بس كنت قولـّي علشان ألبس طقم حلو أروح بيه ..
رد عليّ عمر: إنتي كده قمر، وبعدين ماما مش بتهتم بالحاجات دي خالص ..
وأخيراً وصلنا لبيت حماتي العامر، وبعد الترحيب الرهيب بعمر كأنه راجع من الحجاز حالاً على جمل، ثم بعد ساعة سلمت عليّ بفتور: أهلا يا سارة، أخبارك إيه؟ ..
ثم رمقتني بنظرة متفحـّصة من فوق لتحت وقالت بامتعاض: إنتي مش جايبة هدوم حلوة في الجهاز ولا إيه يا سارة؟
ذبت من الخجل من قذيفتها القوية وقلت في سري: مش بتاخد بالها خالص خالص!! الله يسامحك يا عمر ..
وهممت أن أرد ولكن أنقذني عمر بسرعة ورد عليها: دي سارة عندها هدوم تجنن يا ماما .. بس احنا جايين من السفر عليكي على طول، وكنت عاملها مفاجأة ليها ..
لم يعجبها بالطبع دفاع عمر عنـّي فردت بفتور: طيب يا سيدي السفرة جاهزة .. أوعى تكون نسيت أكل أمك خلاص ..
وجلسنا نأكل وهي منهمكة في الحديث مع عمر بشوق شديد، وتحكي له كلّ ما حدث في الأسبوع اليتيم الذي قضيناه بعيداً عنها وكأنه كان عاماً كاملاً .. وكل فترة طويلة تتذكر إن فيه شيء معاهم على السفرة فتلقي لي كلمة أو كلمتين ثم تواصل حديثها الدافيء مع حبيبها الأوحد إبنها الوحيد الحبيب ..
دعوت الله في سرّي أن تنتهي هذه العزومة سريعاً كي أصل شقتي وأفرغ حقائبي وأناااااااااااااااااام .. لأني تقريباً لم أنم أمس مع السفر وإرهاقه .. وبينما أنا في أفكاري رن موبايلي ووجدتها أمي وطرت إلى البلكونة لأرد عليها ..
ماما: ألو يا ست العرايس، نموسيتك كحلي .. أنا مش عاوزة أكلمك من الصبح علشان ما أقلقكوش يا حبيبتي .. يا ترى ح ترجعوا إمتى؟
رددت ببراءة : لا ما احنا وصلنا من ساعتين يا ماما، ما تقلقيش ..
ماما: طيب يا حبيبتي أسيبك ترتبي شنطك وترتاحي شوية وأكلمك بعدين ..
أنا: لا يا ماما أنا مش في شقتي .. أنا عند حماتي ..
ماما: حماتك؟!! يا سلام.!! جاية جري من اسكندرية عليها!! ..ولا حتى هان عليكي تعدّي على أمك ولو خمس دقايق؟! متشكرة يا سارة .. ربنا يخليهالك، ماهو خلاص الجواز بينسّي الأهل .. ألف شكر يا بنتي .. مع السلامة ..
أنا: إستني بس يا ماما .. يا ماما .. يا ماما .. ياربي، أعمل إيه في الحدوتة دي؟!! .. هو عمر السبب فى المشكلة دي، كان لازم يقول لي من امبارح أقوم امهّد لماما علشان ما تزعلش مني كده ..
فاجأني عمر من خلفي وهو يهمس لي: إيه شهرزاد قاعدة لوحدها ليه؟ .. وحشتيني ..
رددت بعنف: بلا شهرزاد بلا نيلة! .. إنت عملتلي مشكلة كبيرة مع ماما يا سيدي ..
عمر: مشكلة؟ .. ليه يا بنتي هو أنا شفتها أصلاً؟
أنا: زعلتْ يا سيدي لما قلت لها إننا هنا، وافتكرتني نسيتها وبافضّل آجي بيتكم هنا قبل ما أروح أسلـّم عليها .. كان مفروض تقولّي من امبارح يا عمر أقوم أعرف أتصرف ..
عمر: يا سارة ما أنا قلت لك إني أنا نفسي إتفاجأت، وماما كلمتني الصبح قبل ما نسافر مباشرة .. وبعدين يا ستي ولا تزعلي نروح لها دلوقتي ونصالحها حالاً .. هو أنا عندى كام أم سارة؟!
رميت نفسي في حضنه وأنا أهتف: ربنا يخليك ليّ يا حبيبي ..
وطبعا دخلت حماتي علينا وهتفت باستنكار: خلاص مش قادرين على فراق بعض؟! .. طيب الظاهر إن أنا اللي عزول وأطلع منها ..
فضممت أمه إلى صدري هي الأخرى وأنا أقول لها: ده إنتي الخير والبركة يا حبيبتي .. وأنا أهمس في سري: يا ربي على صغر عقل الستات والغيرة اللي تنقط .. لأ والهنا إن أمي كمان بتغير ..
طيب يا طنط معلش، إحنا مضطرين نمشي علشان لسه ح نعدي على ماما نسلم عليها .. قلتها ببساطة وندمت عليها من رد فعل حماتي الغاضب: تمشوا؟!!. هو أنا لحقت أقعد معاكم؟ .. هو انتو جايين تقضية واجب وخلاص؟!!. الظاهر إن أنا فارضة نفسي عليكم .. طيب يالا ماتعطلوش نفسكم ..
نظر إليّ عمر بغضب وكأنه يقول لي فتحتي بقك إنتي ليه؟ .. وأخذ يهدأ من أمـّه ويبرر لها إنه لابد أن ينام بدري، لأن بكرة وراه أشياء كثيرة إلخ إلخ إلخ….
وأخيييييييييراً جداً انتهت الزيارة، واستعدينا للمعركة الثانية في بيت ماما ..
في السيارة قال لي عمر بهدوء: بصي يا سارة ماتزعليش من ماما، وأنا كمان مش ح أزعل من والدتك لو عملت حاجة .. كل واحدة فيهم فجأة فلذة كبدها إتخطف منها من إنسان غريب، فلازم فترة يعاملوا فيها الغريب ده بحذر، ويمكن غلاسة، لحد ما يبدأوا يحبوه فعلاً ويتأقلموا على الوضع الجديد .. ولازم نكون إحنا الشباب أعقل وصدرنا أوسع .. بس أوعي تعرضي نفسك لماما، يعني أي حاجة خليني أنا أقولها وكأنها فكرتي أنا علشان تتقبلها .. ونفس الشيء مع والدتك، علشان نقلل الخساير بقدر المستطاع .. ماشي ياقمر؟
رديت عليه وقلت: خلاص يا حبيبي اتفقنا .. وفي سري قلت: ده الجواز ده عاوز نفس طويييييييييييييييييل ودماغ كبيرة جداً .. ربنا يستر ..
قــال عمــر:
أنا ذنبي إيه في الحرب دي يا ربي؟ كان مالي أنا ومال الجواز وشغل الحموات ده .. يا ربي ساعتين من لوي البوز من حماتي المصونة، وتبريرات طويلة عريضة من سارة ومنّي حتى ملّيت في الآخر .. أمّال لو كنا قتلنا قتيل كانت ماما وحماتي عملوا فينا إيه؟
بجد كنت مفروس من حماتي، وسارة عمالة تراضيها وتصالحها، وكنت ح اعمل مشكلة بس قلت يا واد مش من أولها كده إعقل ربنا يهديك .. يارب الواحد يفضل محتفظ بأعصابه على طول وما يعملش مصايب ..
فكرت في كل هذا وأنا أقود السيارة إلى منزلنا أنا وسارة، وأنا أقاوم النوم باستماتة بعد الحرب العالمية التاسعة اللي كنا فيها .. والتفتّ إلى سارة ووجدتها قد نامت بالفعل من شدة الإرهاق الجسدي والعصبي ..
وصلنا البيت ولم أشأ أن أوقظ سارة إلا لما أفرّغ الحقائب من السيارة أولاً .. وأوصلتها إلى الأسانسير ثم أيقظت سارة بهدوء وكعادتها إتنفضت وصرخت: إنت مين؟ وإنت خاطفنى ولا إيه؟ يااااعوماااااااااار ..
وقبل أن تكمل إستغاثتها الدولية برجال المطافي وتفرج علينا الشارع ويفتكروني خاطفها حطيت إيدي على فمها وانتظرت أن تتعرف عليّ، والحمد لله أخيراً فاقت وعرفتني وسألتني سؤال أغرب من الخيال: إيه ده عمر؟ إيه اللي جابنا في الحتة المقطوعة دي؟!!! أنا ح اموت من التعب .. لو رسمولي مخدة على الحيطة ح انام فوراً!! عاوزة أنام حالاً علشان بكرة الجمعة وبعده السبت حنرجع على شغلنا أنا وإنت، يعني بكرة يوم كله شغل وتجهيز أكل للأسبوع كله وتوضيب الشقة، وأكيد ح نتعب بكرة أوي ..
قلت: ح نتعب؟ إيه الكلمة الغريبة دي؟ وأنا مالي أنا؟
ردت سـارة: مالك ازاي؟ مش إحنا اتفقنا نتشارك في كل حاجة؟
أنا: ياسلام؟ اتفقنا أخرّط لك البصل وأمسح الأرض؟ إيه يا بنتي الأوهام دي؟
سارة: أوهام!!! يا سلام .. هو لما تساعدني تبقى عايش في الوهم؟ أمّال أنا حبيبتك إزاي؟
أنا: يا ستي حبيبتي وروحي كمان، لكن اللي إنتي بتقوليه ده أنا ما أقدرش عليه أبداً، ولا يمكن ح يحصل، وده آخر كلام عندي فى الموضوع ده ..
سـارة: كده يا عمر؟
أنا: أيوة كده، وياريت ننام بقى قبل ما نتخانق ..
سـارة: هو احنا لسه ما اتخانقناش؟!!. طيب تصبح على خير ..
أنا: ……!!؟
ا[اتنين متزوجين]ا – الحلقة الخامسة
قــالت ســارة:وشـّك نوّر على الجهاز أوي ..


0 التعليقات:
إرسال تعليق