
وقفتُ أرتجف من الغضب والدهشة والحيرة من هذه التي جاءت لتهدم أحلامي في السعادة، وتحادث حبيبي بكل هذا الدلال، والذي يحمل في طيّاته الكثير من الذكريات المشتركة بينهما .. من أولها كده ياربي؟
لا أقدر حتى على المواجهة .. أشعر أن كلامي سيكون صراخاً .. وأنا لا أحب أن تسمع الآنسة المبجّلة الملاصقة لنا أنني أتشاجر معه بسببها، فهي هكذا ستشعر بانتصار ..
نظرتُ لعمر نظرة ناريّة تحمل غضب العمر كله، وتركته ودخلت لحجرة النوم ووجهي مشتعل من الغضب، وأخذت أغرز اظافري في الوسادة حتى كادت أن تتمزق من ضغط يدي (يا مصيبتك يا عمر (*~*)) وأنا أغالب الدموع بشدة .. فتبعني عمر ووضع يده برقة على كتفي وقال لي بكل براءة: مالك يا سارة فيه حاجة؟
فنظرتُ إليه نظرة نارية أخرى وأزحت يده من على كتفي وصرخت فيه: وكمان بتسأل مالِك؟ .. أنا اللي عاوزة أعرف مين الهانم دي، وازاي تكلمك بالدلع ده كله؟ .. وإيه اللي كان بينك وبينها، أو يمكن لحد دلوقتي كمان؟
رد باستنكار: لحد دلوقتي؟ حاسبي يا سارة إنتي كده بتغلطي ..
قلت بعصبية: طب يا سيدى ما تزعلش .. إيه اللي كان بينك وبينها؟! يالا احكيلي أنا نفسي أشوف فيلم رومانسي من زمان .. وأوعى تقولي مفيش حاجة .. من فضلك أنا مش طفلة قدامك ..
رد برفق كأنه خائف عليّ أن أموت من فرط ثورتي: طيب ممكن تهدّي نفسك علشان نعرف نتفاهم؟
رددت وأنا أرتجف: مش ح اهدى إلا لما تقول لي كان فيه حاجة ولاّ لأ؟
صمتَ طويلا قبل أن يجيب بصوت لا يُسمع: أيوة كان فيه!!!!!!
انهرتُ عندما سمعت هذه الكلمة الكريهة وتمنيت ساعتها لو كان كذب عليّ أو أنكر أو فبرك لي أي حكاية .. وأنا كي أُرضي غروري الأنثوي سأبتلعها .. لكن أن يعترف أمامي هكذا…!!
أخذني عمر بين أحضانه وهو يهدهدني كطفل صغير يرفض النوم وقال لي: الحمد لله .. أنا عرفت دلوقتي حاجتين؛ إنـّك مجنونة، وعرفت إنـّك بتحبيني جداً .. وإلا ايه لازمة الجنان اللي انتي عاملاه ده؟
وهممت ان أرد ولكن أغلق فمي بيده وهو يقول: بصّي ياسارة، لغة الصراخ دي مش ح توصّل لحاجة أبداً، أنا ح أقول لك على كل حاجة بس لما تهدي الأول خلاص؟
مسحتُ دموعي كالأطفال وأنا أقول: إتفضل إحكي، بس إياك تكدب ..
مسح دموعى هو أيضاً برفق وقال لي: يا حبيبتي ما كنت كذبت من الأول وخلصت من الفيلم ده وضحكت عليكي وخلاص .. بصي يا ست: إنتي عارفة إن دي شقة خالي من زمان جداً .. ومن واحنا أطفال واحنا بنيجي نصيـّف هنا، وساعات نقضي بالشهرين هنا .. وإنتي شايفة إن الشقق لازقة في بعض، وطبيعي جداً ح يكون لينا علاقة بالجيران .. وشيرين يا ستي بنت الدكتور محمود جارنا، خريجة ألسن وخريجة مدارس لغات، وبنت مثقفة وجميلة زي ما انتي شفتي ..
قلتً بعصبية: من فضلك بلاش الغزل ده قدامي .. إنتوا متفقين عليّ ولا إيه؟
فقال لي: لا ياحبيبتي ده إنتي حبي وعمري كله والله .. المهم أنا يا ستي حسيت في فترة من الفترات إني ميّال لها، وهيّ كمان بادلتني نفس الشعور، بس عمري ما حسيت إنه حب مكتمل .. كل ما كنت آجي آخد خطوة أرجع خطوتين .. حتى إني لم أصارحها أبداً بحبي لأني ما اتأكدتش أبداً من مشاعري تجاهها، ولم تُشعرني هي أبداً بالاستقرار ..
لا أدري لماذا وقتها بعدت الغيرة الحارقة قليلاً .. وشعرتُ أني أُحادث صديقا يقص عليّ مشكلة وليس زوجي .. وسألته: ليه؟ كانت إيه المشكلة بينكم؟
قال: المشكلة كانت جرأتها الشديدة، وأنها دائما مقتحمة وتكلم أي شاب أو رجل بمنتهى البساطة والود، ولو ما كنتش عارف أخلاقها وتربيتها وأسرتها كنت شكّيت في أخلاقها .. ولكن تكويني كرجل شرقي متديّن ماقدرتش إني أقبل وضع زي ده، وكلمتها عدة مرات ولكن بلا فائدة، فثقافتها وطريقة دراستها وتربيتها المميزة تجعلها شديدة الثقة بنفسها حتى لا ترى أنّ حاجز الحياء فى الفتاة له مبرر .. وهكذا أخذت قرار نهائي بالابتعاد، وخاصة أنني لم أكلمها في شيء صريح عن مشاعري، وابتعدت عن هذه الشقة لمدة عامين حتى لا أراها .. ودخلتها فقط فى شهر العسل اللي حبيبتي عاوزة تقلبه غم.!!
هدئتْ دموعى وأنا أشعر بحرارة صدق كلامه، لأنه لم يكن مضطراً أن يخبرني كلّ هذه التفاصيل لو لم يكن صادقاً، وسألته: طيب يعني حبيتها بجد؟
أجاب بسرعة: لا والله .. بجد كان مجرد إنجذاب مش حب .. وإلا كنت اتغاضيت عن عيوبها وخطبتها .. أنا ما حبتش في حياتي إلا مجنونة واحدة، عمّالة تعيّط زي الأطفال ..
سألته: أمال بتكلّمك كده ليه زي ماتكون مراتك وقفشتك مع واحدة تانية؟
رد عليّ قائلاً: يا حبيبتي ماهي أسلوبها كده .. أعملّها إيه يعني؟ .. خلاص بقى يا سارة هو احنا نخلص من الضيوف تطلع لنا الست هانم دي؟ .. سبحان الله ده أنا سمعت عن شهر العسل ده حواديت الف ليلة وليلة .. واضح إنك أخدت مقلب ياواد يا عمر .. يا ريتك كنت اتجوزت شيري ..
اغتظت من الكلمة فقلت: شيري؟! طيب روح لها بقى يا خويا خليها تنفعك ..
وأخذتُ أدفعه خارج الحجرة وأغلقتُ الباب على نفسي من الداخل وأنا أشعر أن جبل قد أزيح من على صدري وأني ضخمت الموضوع بغباء قبل أن أعرف الحقيقة .. كم هي قاسية الغيرة، وكم أعشق هذا الرجل الأسمر بجنون ..
وفي الخارج كان عمر يدق على الباب وينادي: إفتحى يا سارة الله يهديكي .. يا بنتي افتحي أنا تعبت .. طيب علشان خاطري ده الضيوف أهون يا شيخة .. يا مجنونة إفتحي ..
طيب يا سارة خلاص براحتك أنا ح انزل شوية .. بس خلّي بالك الأوضة اللي انتي فيها دي كان دايماً فيها فار!!! .. باي يا حبيبتي بقى ..
وطبعا فتحت الباب كالملسوعة وأنا اصرخ: فاااااااااار؟ .. وأجرى كي ألحق عمر قبل أن يتركني مع الفار وحدي نقضي شهر العسل سوياً!! وخطوت خطوة واحدة .. وجدت نفسى بين ذراعيه وهو يضحك، ولم أستطع الهرب ولا الكلام… وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح ..
ا[اتنين متزوجين]ا – الحلقة الثالثة
قــالت ســارة:ولم أستطع أن أواصل التفكير أكثر، فانهارت دموعي بلا توقف ..


0 التعليقات:
إرسال تعليق