"انا اللي جبت ده كله لنفسي" .. اقول هذه الكلمة لنفسي كل يوم وكل دقيقة من السيرك اللي عايشة فيه من ساعة ما حماتي المصونة شرفتنا بالانتقال الى الحياة معنا .. الله يسامحك يا ماما انتي اللي اقترحتي الاقتراح الرائع ده .. حياتي انقلبت بزاوية 180 درجة .. لم أكن اتخيل ان كل هذا سيحدث فى شهر واحد .. البنت بتتجوّز علشان يكون لها بيت مستقل تكون هي ملكته تفعل به ما تريد .. وقت ما تحب .. تطبخ ما تشاء .. تضرب عن الاعمال المنزلية وتؤجلها ليوم آخر وقت ما يحلو لها .. افتقدت كل هذا دفعة واحدة .. أحسست اني ضيفة فى بيتي .. وياريت كمان ضيفة دي حتى الضيفة بتُخدَم وتكرّم .. اما انا تحولت الى أسيرة ومراقبة 24 ساعة من حماتي .. طول النهار تراقب تحركاتي .. وتنتقدتني فى كل حاجة .. تراقب تطور حلة المحشي من اول ما أغسل الأرز الى آخر محطة .. وكل لحظة تتحفني بعبارات من نوعية: واضح انك لسه بتتعلمي ياسارة ..
لا لا لا ده مش محشي ده يخني .. عمر ما بيحبش المحشي الا من إيدي أنا .. ولا تفكر حتى في أن تساعدني في أي شىء .. وأنا لا أرد على أي كلمة وأحاول أن أبتسم حتى تصلبت شفايفي في وضع ابتسامة مسلوقة لا معنى لها .. بس علشان ما أطقّش وأموت ..
قـال عمـر:
ياسلاااااااااااااام .. ربنا يخليكي ليّ ياسارة يا حبيبتي .. حلت لي كل مشاكلي مرة واحدة .. بقيت مطمّن على ماما كل ساعة .. وسارة كمان شايلاها جوة عينيها ..
بصراحة مش أي واحدة تستحمل ماما .. أنا عارف إنها صعبة وبتحب تتدخل فى كل حاجة بس ح اعمل ايه يعني؟ ربنا يخليها لي يارب .. ويخليلي سارة وتفضل بعقلها الراسي كده على طول ..
قـالت سـارة:
انا خلاااااااااص معدش فيّ ريحة العقل!!! قربت اتجنن وأسيب البيت .. كل حاجة في الدنيا حماتي مدخّلة نفسها فيها .. حتى تربيتي ليحيى كل حاجة غلط فى غلط .. لو أكّلته جزر يبقى لااااااااا البطاطس أفيد كتير .. ولو اكل شيكولاتة يبقى سنانه ح تقع .. ولو حرمته منها يبقى انا أم مفترية .. بجد مش عارفة أعمل إيه ولا أملك الا الطاعة لكل كلامها ولو جادلتها ندخل فى جدال يستمر لساعات فأسمع كلامها وانا أموت من الغيظ ..
والمشكلة الأكبر كمان هي فى وجود عمر .. بتستأثر بيه وكأنه زوجها هي .. تقعد تتكلم معاه بالساعات وتطلب مني أعملهم فنجانين قهوة علشان القعدة تحلو .. ولو بعد الشر قعدت أتكلم معاه على انفراد فى أي موضوع لازم تعرف بنتكلم في إيه وإلا تزعل وتتقمص، والود ودها انها تنام معانا في نفس الاوضة ..
بجد انا تعبت خلاص ولازم الوضع يتغيّر .. لازم اطلب من عمر انها ترجع شقتها ونرجع نزورها زي الأول .. بس ازاى اقدر أطلب منه كده؟ .. اكيد الدنيا ح تولع ويبقى شكلي إني باطرد أمه .. لا لا ما ينفعش الحل ده .. انا عارفة الدين والأصول وكمان لو عمر عمل كده فى أمي أكيد ح اقتله ..
انا عارفة اني مهما عملت لا يمكن تحبني زي بنتها .. دي الطبيعة البشرية .. أنا برضه مش ح احب زوجة يحيى إبني .. يعني بعد ما اتعب وأربي تاخده راجل على الجاهز؟ طيب يبقى انا أشيل فكرة إنها تحبني من دماغي وأحاول اتقبل الوضع وأحسنه وخلاص ..
دخل عمر عليّ وأنا غارقة فى التفكير وضاربة بوز .. وقال: ايه يا سارة بتفكري في إيه ده كله؟
رديت: ولاحاجة ياعمر بس تعبانة شوية ..
سألني: من إيه يا حبيبتي .. مش ماما بتساعدك فى تربية يحيى؟
"ياخرااااااابي .. بتساعدني؟" .. طبعا قلتها فى سري .. ورديت عليه وأنا مفروسة: طبعاً طبعاً ربنا يخليهالنا ..
فرد عليّ بحنان: والله أنا حاسس بيكي يا حبيبتي وعارف ان ماما صعبة شوية .. بس أعمل إيه أنا إبنها الراجل الوحيد .. أرميها يعني؟
سالت دموعي رغما عني وقلت له: يا عمر أنا لا يمكن اقول كده وأنا اللي طلبت منك إنها تيجي هنا .. بس بجد أنا حاسة إني بقيت ضيفة في البيت مش صاحبته .. بانفذ كل كلامها وبتنتقد كل حاجة باعملها فى البيت ومحسساني طول الوقت اني مش بافهم فى أي حاجة .. بجد تعبت .. أعمل إيه؟
أخذ وقتا طويلا قبل أن يرد وجاء صوته مليئا بالحيرة: بصي ياسارة .. أنا عارف إن عندك حق .. بس حطّي نفسك مكانها .. دي ست فقدت عشرة عمرها كله ولقت نفسها وحيدة وكمان سابت بيتها فبتعتبرني انا راجلها الوحيد في الدنيا .. ومتخيلة إنك إنتي اللي واخداني منها .. فنفسيا كده بتغير منك ومن حبي ليكي وبتحاول تحسسك إنها أحسن منك فى كل حاجة .. معلش لازم نراعي تفكيرها ده .. حاولي تصاحبيها وتخليها تشيل فكرة الغيرة دى من دماغها ..
رديت بفراغ صبر: والله حاولت مفيش فايدة ..
رد بعصبية مفاجئة: بصى يا سارة أنا مش ح اتكلم في الموضوع ده تاني .. أنا لا يمكن أغضبها أبداً علشان خاطرك .. ولو اخترت بين بيتي وبين رضاها ح اختارها هيّ .. واعرفي اني لو ما عملتش ده وأغضبتها علشانك .. ابنك يحيى ح يعمل فيكي كده و حيرميكي علشان مراته .. الديّان لا يموت .. ومش ح اتكلم فى الموضوع ده تاني .. تصبحي على خير ..
قـالت سـارة:
"البحر من خلفي وحماتي من أمامي" ..
عمر فجّر القنبلة في وشي وسابني أواجه المشكلة لوحدي .. يعنى كان ح يحصل إيه لو كلّم والدته ووصّاها عليّ شوية؟ خلاص الدنيا ح تولع؟
طيب أعمل إيه يا رب؟ أنا بجد تعبانة ومش عارفة أرتاح ولا دقيقة .. لا من حماتي ولا من يحيى .. بيطلب كل دقيقة طلب لما خلاص جنّني .. باحس إنه فاضي وبيتسلى ..
فاضي وبيتسلى؟
فاضي ....؟
إيه ده؟ معقووووووول؟
معقول يا سي يحيى إنت اللي ح تحل لي الحدوتة العويصة دي؟ قمت من مكاني وأحضرت له مكعبات أحضرها له والدى وأبعدتها عنه حتى يكبر ويستطيع اللعب بها .. وأول ما رآها هجم عليها يبعثرها من مكانها وجلست معه أريه كيف يركبها .. وماهي الا دقائق حتى استغرق باللعب بها وان لم يستطع تركيبها ولكنه أخذ يلعب بها ويكتشفها والأهم انه بعد عني ولم يطلب أي طلبات أخرى ..
طيب ما هي حماتي نفس الحكاية بالظبط .. حياتها فارغة جداً وخاصة بعد موت والد عمر .. وأنا من أقوم بكل الأعمال المنزلية ولا أحاول أن أتعبها في شيء .. فلا يبقى لها إلا أنا والتفرغ التام لانتقادي .. طيب ما انا لو رحت ضيفة عند أي أسرة وكنت لا أفعل أي شىء طوال 24 ساعة الطبيعي جداً اني سأتفرغ لمراقبتهم .. لبسوا إيه؟ عملوا إيه؟
خلاص يبقى الحل الوحيد انى أشغِلها طول اليوم .. خلاص ح أجيب لحماتي مكعبات ..!!
أنا كمان من ناحيتي لازم أقلل إحساسي إنها غازية لبيتي وإني خلاص مش عارفة أرتاح طول ما هي موجودة .. بصراحة في وجودها مريحاني من يحيى في أوقات كتير وخصوصا وأنا باشتغل الصبح على الكومبيوتر .. وكمان فيه حاجة مهمة .. إن في وجودها عمر مش بيتخانق معايا خالص حتى لو لقى البيت بيتحرق .. ودى حاجة جمييييييلة جداااااا ..
انا ح أحاول أحسسها إني باحبها علشان هي كمان تحاول تحبني .. مش كفاية انها إدتني عمر حبيبي علشان أستحملها؟ ومش بس أستحملها .. لا .. أحاول أحبها؟!
قـال عمـر:
بصراحة سارة عندها حق في شكوتها من ماما .. بس كان لازم أوقف الموضوع بحزم علشان مايكبرش ويتحول لخناقة .. وأنا حاولت قبل ما هي تشتكي ومن غير ما تعرف إني ألفت نظر ماما إنها تخف شوية على سارة .. بس طبعا من بعيد لبعيد علشان ما أزعلهاش .. زي اللي بيوصف لواحد إزاي يروح اسكندرية عن طريق أسوان ..
والله انا نفسى أرضي الطرفين بس مش عارف ازاي؟ لا .. ورد فعل ماما كان غريب جداً .. نظرت لي نظرة طويييييييلة وسابتني ومشيت ..!!
قـالت سـارة:
بدأت خطوات الخطة الجهنمية اللولبية في شغل فراغ حماتي وكمان تهدئة نفسيتها الثائرة داااائماً .. أول حاجة إني دعوتها اننا نصلي جماعة أنا وهي كل الفروض بعد ما كانت بتصلي وحدها .. في الأول إعترضت كالمعتاد بحجة انها لا تقدر على الوقوف الطويل فأحضرت لها كرسي صغير تصلي عليه .. وبدأت أوقظها لصلاة الفجر بعد أن كنت أتركها تنام .. وسبحان الله بعد عدة أيام من صلاتنا معا أنا وهي لانت معاملتها لي بعض الشيء .. وجعلنا لنا ورداً يوميا من القرآن .. كيف يجمعنا الله خمس مرات يوميا ويفرقنا الشيطان؟
وتشجعت اني طلبت منها أن نذهب أنا وهي يوميا درس لتعليم التجويد فى المسجد المجاور بعد صلاة العصر .. وكنت أتوقع كلمتين فى العظم ورفض دون أسباب .. ولكن لدهشتي وجدتها وافقت بسهولة ووجدتها فرصة لتعلم شيء جديد والخروج أيضاً .. وسبحان الله وجدتها عندما تقربت لله أكثر وشغلت وقتها أكثر .. أحبتني قليلا وتغيرت معاملتها لي فى أشياء كثيرة .. بل وبعد عدة أسابيع من انتظامنا في درس التجويد يومياً .. وجدتها تدعو لي لأول مرة في حياتها ..
ولأول مرة اكتشفت الجانب الطيب فيها الذي كان مختبىء وراء عصبيتها وانتقادها لكل الناس .. وتحسنت علاقتي بها كثيراً .. لن أقول انها أصبحت مثل علاقة الأم بابنتها ولكن على الأقل الجانب العدائي بيننا قلّ كثيراً وأصبحت أفتح لها قلبي وأحكي لها عن عملي بعد أن كان كلّ كلامنا عبارة عن قذائف نارية ..
بل وتهورت مرة واشتكيت لها من عصبية عمر فى موقف معين وظلمه لي .. حقيقة لم تقف ضد حبيب قلبها بالطبع كما كنت أطمع .. ولكن على الأقل لم تهاجمني زى زمان بأني متجوزة سيد الناس كلها .. ولكنها طيبت خاطري بكلمتين وهذا يكفيني ..!
قـال عمـر:
والله لو علمت كلّ امرأة على الأرض انها عندما ترضى أهل زوجها وبالأخص والديه أن حبها في قلبه سيتضاعف لانتهت كل مشاكل الكون .. كل وقوف سارة بجواري وحنانها معي وعشرتها الطيبة وحبها لي كوم .. ورعايتها لأمي وإهتمامها بها ومحاولة تغييرها واتقاءها الله فيها كووووم تاني .. حبّ سارة في قلبي تضاعف واحترامي لها أصبح لا يوصف .. لابد أن أكافيء هذا الملاك الصابر ..
نزلت اشتريت لها حلقاَ صغيراَ ماسياَ على شكل قلبين صغيرين .. وجريييييييييت على حبيبتي .. وجدتها فى انتظاري جميلة كالمعتاد وحدها دون ماما ويحيى باشا .. وهتفت: وحشتيني ياحبيبتي .. ماما ويحيى فين؟
قـالت سـارة:
رديت على عمر وقلت: وإنت كمان وحشتنى يا حبيبى .. طنط يا سيدي عرّفتها على الحاجة فوزية اللي في الدور الخامس من كام يوم .. إنت عارف هيّ كمان وحيدة بعد جواز ولادها .. واتصاحبوا على طول وبقت طنط بتاخد يحيى وبتطلعلها كل يوم تشرب معاها فنجان قهوة ويفتكروا أيام ما كان الرغيف ب 3 مليم ..
قال لي باسماً: قصدك إن ماما عجوزة .. صح؟ يامااااامااااا ..
فوضعت يدي على فمه قبل أن يفضحني وهتفت: بس يا عم .. أنا ما صدقت إنها ترضى عني شوية عاوز توقّع بنا ليه؟
فضحك وهو يقول: لا والله ده أنا مش عارف أشكرك ازاي على معاملتك لماما .. بجد احترامي وحبي ليكي زاد .. انا جبت لك هدية يارب تعجبك ..
ففتحت العلبة ورأيت الحلق الرائع ولم أصدق أنه ماس إلا عندما أقسم لي عمر .. ولم أعرف ماذا أقول .. ولا كيف أشكره ..
ومن زماااااان سكتت شهرزاد عن الكلام المبااااااح ..
ا[يوميات بابا عمر وماما سارة]ا - الحلقة الثامنة
قـالت سـارة:انا كنت فاكر إني كل يوم ح الاقي خناقات .. لكن الحمد لله الدنيا هادية وجميلة والاتنين زى السمنة على العسل ..
0 التعليقات:
إرسال تعليق