الكابتن يحيى أتمّ سنتين من عمره المديد .. أصبح شقي جداً وملامح شخصيته ظهرت .. ورث العصبية من عمر ومني العِند طبعاً .. أصبح يقلدنا جميعا في الكلام وينطق الكثير من الكلمات بطريقته الكوميدية .. أجملها على الاطلاق كلمة: ماما .. يرشوني بها كي تذيب أي غضب داخلي من أي كارثة فعلها .. وما أكثر حوادثه وكوارثه التي لا تنقطع، على رأسها معركة الطعام اليومية التي تجعلني اتمنى أن أطعم حي "شبرا" بأكلمله ولا أطعمه طبقاً واحداً .. يرفض الطعام بأغلب صوره ويتمنى أن يمتلأ العالم شيكولاتة وحلوى ولتذهب كل الأطعمة إلى الصين ..!
وعندما أتم العامين بدأنا الكارثة الحقيقية
في حياة كل أم وهي مأساة تعليمه إستخدام الحمام وحده والإستغناء عن الحفاضات .. لا يمكن وصف العذاب الذي عشته لأسايبع طويلة .. أصبحت عصبية وتعبت من هذا الصراع .. لا أعرف كيف تحولت حياتي كلها إلى وجبات طعام وحفاضات وصراخ؟
قـال عمـر:
بعد ما سافرت أمي إلى أختي في السعودية لعمل عمرة وقضاء عدة أشهر معها خلا البيت منها بعدما اعتدت وجودها .. سبحان الله يظل الرجل طفلاً يشتاق إلى حضن أمّه مهما طال به العمر ..
العمل في الشركة تتطور مراحله بشكل لا يوصف، وتتوسع المشروعات فيه .. وترقيت في منصبي تبعاً لمجهودي رغم قصر المدة .. وأصبح مطلوب مني تدريب بعض المهندسين الجدد الذين يلتحقون للعمل في الشركة
من أول لحظة شعر الجميع أن شخصيتها متفردة .. درست الهندسة في الخارج رغم صغر سنها مما أعطى موهبتها ثقلا لا يستهان به .. خطوطها حساسة وأفكارها متجددة .. ورغم هذا تتمتع بحياء المبتدئين ولا تتطاول على أحد .. جعلتني في أحيان كثيرة في حيرة كيف أكون من يدربها وفي رأسها أفكار أنا شخصياً لا أعرفها من قبل .. ولكنها كانت تنصت لأي ملاحظة مني حتى لو كانت تعرفها من قبل وتتظاهر بالتعلّم مما أثار إعجاب الجميع بها لتواضعها ونبوغها في سنها الصغير ..
قـالت سـارة:
الملل يحيط بي من كل جانب .. عملي على الكومبيوتر لا جديد فيه أبداً .. نفس الإيميلات ونفس الكلمات ونفس الاشخاص .. حتى أكاد أن أقوم به وأنا مغمضة العينين ولم يعد يستغرق من يومي سوي 3 أو 4 ساعات وبقية اليوم في نفس الروتين .. أحادث يحيى طوال اليوم حتى لا أحادث نفسي ..
عمر لا أراه سوى ساعتين في اليوم بعد أن ترقى في منصبه .. وبعد أن يعود لايكون لديه رغبة في أي كلام أو حديث .. يعود منهكاً يلعب مع يحيى قليلاً ويستمع لأحاديثي المكررة عن معاركي اليومية مع يحيى في محاولة إطعامه أو إدخاله الحمام .. وطبعاً ينام أول ما أبدأ كلامي ..
قـال عمـر:
شخصية آية تزداد تألقاً كل يوم .. أصبحت محط إنتباه الجميع في أسابيع قليلة بموهبتها وشخصيتها الجذابة في الحديث .. حتى ما تكاد تتحدث حتى تستحوذ على عقل محدثها من ثقافتها وإدراكها للعديد من جوانب الحياة .. حتى علمت منها انها تحضر ندوات ثقافية ومعارض تشكيلية .. وتأخذ دورات للغات في الجامعة الأمريكية .. لا أعلم من أين تأتي بالوقت لتفعل كل هذا؟
وأكثر ما أثار اعجاب الجميع بها هو التزامها بدينها رغم دراستها بالخارج .. مما جعلنا نزداد احتراماً واعجاباً بها ..
قـالت سـارة:
عمر يحكي لي عن المهندسة الجديدة منذ أكثر من ساعة .. لم أره من قبل يتحدث عن أحد وتلمع عيونه بهذا الشكل .. كتمت غيرتي وبادلته الحديث وانا أراه يلصق بها كل الصفات الرائعة من التديّن والثقافة وجاذبية الشخصية وأيضا الجمال ..
يقول: إنتي ما تتصوريش يا سارة البنت دي مميزة قد إيه .. قليل أوي لما الواحد يشوف بنت موهوبة في الهندسة بالشكل ده ..
فأرد: ليه؟ .. هو انتم مش عندكم مهندسات في الشركة؟
فيقول: لأ فيه طبعاً .. بس أغلبهم بعيدين عن التصميم مش موهوبين زيها .. بيشتغلوا في التنفيذ بس ..
داريت غيظي وأنا أقول له: أكيد .. مش بتقول إنها دارسة هندسة برّه؟ .. ده شيء طبيعي إنها تكون متميزة ..
قال لي وعيونه تلمع: هي مميزة في الهندسة بس ياسارة؟ دي مثقفة بشكل كبير جداً .. مفيش حاجة في الدنيا إلا وعندها فكرة عنها .. سياسة .. فن .. أدب .. ما شاء الله بجد عليها ..
فأرد: امممممممممممممم ........
لم يلاحظ أنـّني أريد غلق الموضوع وأكمـَل: لا .. وكمان متدينة، بتراعي ربنا في كل تصرفاتها .. وواضح كمان ان عيلتها من الـ.....
قاطعته لأغلق الموضوع قبل أن أنفجر وحاولت تصنع الإبتسام وأنا أحدثه: أسكت يا عمر .. النهاردة يحيى رمى ريموت التليفزيون من الشباك .. ودخل المطبخ فتح إزازة الزيت وبهدل أرض المطبخ ولما جيت أجري وراه قام ......
فيقاطعني: تصبحي على خير ياسارة..عندي شغل بدري ..
*******
الأيام الماضية عشت أسوأ أيام في عمري .. إحساس لا يوصف بعدم الأمان .. عندما أرى زوجي وحبيب عمري وكأنه ليس معي .. تائه في عالم آخر .. أشعر به بغريزة الأنثى التي لا تخطيء .. وما يطمئني قليلا أنه متديّن ولن يفعل شيء حرام .. لكن حتى المتدينين أكثر الناس زواجا على زوجاتهم ..
ولكن يبدو أن سحر هذه الفتاة أكبر من مقاومته .. وظروف وجودها معه لساعات طويلة رغما عنه يجعله يُسحر بطريقة تفكيرها وجاذبيتها ..
أنا أعلم زوجي جيداً لا ينجذب كثيراً لامرأة جميلة فارغة العقل .. ولكن ما أخشي عليه فعلاً منه هي امرأة شديدة الذكاء والتميز .. هي فعلا القادرة على جعل حصونه تهتز ..
ولكن أين أنا؟!!
أولستُ حبيبته كما يدّعي؟
كيف تشاركني في قلبه أو حتى في عقله إمرأة أخرى؟ .. هل لو رأيت أفضل رجل في العالم سيشارك عمر في قلبي؟
لكن يبدو أن قلب الرجل مثل محطة القطار كل واحدة ممكن تركبه ..
قـال عمـر:
انا خلاص قربت أتجنن .. عايش في صراع رهيب .. طول الوقت حاسس إني باعمل حاجة غلط .. مش عارف إيه اللي بيحصل؟
عمري ما اتشديت ولا أعجبت بواحدة بالشكل ده .. بجد تعبت من التفكير .. بأحاول إني أبعد عنها كل الطرق حتى إني حاولت إني أخلّي واحد تاني يدربها مفيش فايدة، إترفض طلبي .. باحاول إني لا أنفرد معها في مكان على الإطلاق ولا أحاول إني أكلمها في أي شيء شخصي وكلامي معها رسمي جداً وفي حدود العمل فقط .. ولكن دون جدوى.!!
أشعر أن تفكيري بها لا يتوقف .. فهي شخصية شديدة التميز والذكاء تجعلك لا تستطيع إلا أن تملك عقلك وتفكيرك .. ولكني أحب سارة فعلا .. ولكن عندما أقارنها بآية أجد فرقا كبيراً في كل شيء ..!!
قـالت سـارة:
حاولت ألوم نفسي بأن يحيى شغلني عن عمر وحاولت التجديد في شكلي وفي المنزل .. وكتمت غضبي وغيرتي وتجاهلت حديثه عنها وحاولت إرضاءه .. حاولت إستعادة ليالي شهرزاد بلا فائدة ..
عمر يضيع مني ..
حاولت التودّد إليه وفتح مواضيع جديدة للحديث معه وتحاشيت الحديث عن معارك يحيى اليومية فكان يسمعني بلا اهتمام وكأن عقله في مكان آخر ..
حتى لو كانت هذه البنت متفوقة عنـّي في كل شيء فلا يجوز حتى المقارنة بين شريك العمر وأي أحد آخر .. فالزوجة تحب الشعر الأبيض الذي يغزو شعر زوجها بعد الزواج فهو دليل شاهد على عشرتهم الطويلة، وأيامهم التي قضوها سويا .. هل إذا وجدت رجلاً أكثر شبابا تترك زوجها لأجله؟
يارب إرفع هذه الفتنة وساعدني وأعد إليّ زوجي وحبيبي ..
ا[يوميات بابا عمر وماما سارة]ا - الحلقة التاسعة
قـالت سـارة:وملازمتهم حتى يتقنوا العمل .. عشت معهم لحظات التوتر الأولى والخوف من المجهول واهتزاز الثقة في الموهبة الذي عشته قبلهم في أيامي الأولى هنا .. منهم من يتخطى أشهر الاختبار ويثبت نجاحه ومنهم من تتعثر خطواته ويعود من حيث أتى .. حتى جاءتنا في يوم مهندسة شابة اسمها آية..!
1 التعليقات:
اففففففف ليه كده يا عمر :(
إرسال تعليق