جلست سارة الى جهاز الكومبيوتر للمره الثالثه خلال يومين، لتتحدث الى اسراء، و تاخذ منها تفاصيل اكتر عن فيزا الزياره و اشتراطاتها، لكى تسافر والدتهم و تكون الى جانب اسراء خلال ولادتها
و لم يفت سارة فى خلال كلامها مع اسراء ان تشد من ازرها كى تتحمل، ملمحة ان هناك فى الدينا مشاكل و مصائب اكبر بكثير من عدم موافقة ازواجهن على السفر، بالطبع لم تفصح عن اسم دينا او عن طبيعة مشكلتها، لكنها بذكاءها استطاعت ان تسرب شعور الرضا لاسراء حتى تكمل اشهر حملها و هى مستريحه نفسياُ و ذلك بعد او وافقت امها على السفر لاسراء حين تبدأ فى شهرها التاسع ان شاء الله
لكن ذلك كله لم يستطع ان ينسى سارة للحظه واحده ما كانت تمر به دينا، اخت زوجها الحبيب، هناك قوة خفيه تربط بين امراه و اخرى، تجدهن جميعاً جبهة واحده اذا تعرضت واحده من بنات جنسهن لغدر او خيانه مثلما حدث مع دينا
الا ان دينا ابلغت سارة فى اخر مكالمه انها تشكر كرمها للغايه، و انها من الممكن بالفعل ان تنتقل لتمكث مع عمر حتى تقوم بتجهيز مسكن مناسب لها و لبناتها
كم كانت سارة حزينه لاجل ذلك العش الذى سيتهدم بسبب الرعونه و الانانيه، كانت هى نفسها تعترض دائما على تدليل دينا الزائد لزوجها، انها حتى احبت الشيشه و اصبحت تشربها معه فقط لانه يحبها و يريدها، و تلك كانت الغلطه، كونها تجاريه و تعمل ما يحب على طول الخط لم يكن ذلك هو المطلوب، من الواجب ان تحتفظ كل امراه بجزء من شخصيتها مهما كانت تحب زوجها و تتدله فى هواه
و دعت الله ان يقف الى جانبها فى تلك المواجهه الوشيكه بينها و بين غريمتها و هى تتذكر مواجهة مماثله فى حياتها، صحيح انها كلما تذكرت قصة أيه زميلة عمر تحاول ان تنفضها عن عقلها، لكنها الان عندما تذكرتها تتألم اكثر من اجل دينا
اذا كان شعور سارة بمجرد اعجاب بين عمر و ايه جعلها على وشك الجنون، فما حال دينا الان و زوجها يعلن بكل وقاحه انه سيتزوج من غيرها
وفى قارة اخرى، كانت نيران الغيره تضطرم بداخل دينا منذ الصباح، منذ تركت الاطفال مع الداده الفلبينيه و نزلت الى الكوافير، كانت تحاول ان تقلل دائما من زياراتها للكوافير حتى توفر لطارق و تحاول ان تبدو جميله باقل التكاليف داخل منزلها
لكنها اليوم تحس بشعور مختلف، معركتها مع تلك المراه، و قد كسبت بالفعل عدة نقاط، اولها انها رأتها من قبل و تعلم انها ليست جميله بل فقط مهتمه بهندامها و ملابسها، و طلبت دينا ان تراها فى المنزل حتى ترتدى ما يحلو لها و تطلق شعرها بدون تقيد بالحجاب، فلا تحس الاخرى انها تفوقها فى شىء، صحيح ان المرأه المحجبه تجاهد مع نفسها لتنفذ ما أمر به الله، لان شكلها بشعرها و كامل مكياجها يختلف تماما عن شكلها بالحجاب الشرعى و الملابس المحتشمه، لكن المرأه التى تحب الله اكثر من شكلها الخارجى و مظهرها، لا تأبه ان تبدو اقل جمالاً لتعلو مكانتها عند خالقها القادر الوهاب الذى منحها ذلك الشعر و ذلك الجمال الذى تتباهى به
و بعد ساعات، غيرت دينا فيها لون شعرها الى البنى الفاتح، و جعلت المصففه تصنع لها خصلات ذهبيه تواءمت مع عيناها العسليتان و بشرتها الفاتحه، و طلبت من الماكييره ان تمر عليها بعد الافطار لعمل ماكياج كامل لها، ثم مرت بالمول الكبير لتشترى طاقما من محل فرنسى لم تدخله من قبل قط، كان الطاقم عباره عن مينى جوب و جاكت قصير تلامس اطرافه بالكاد طرف الجيب، و اختارته من اللون الوردى الفاتح، و اختارت حذاء ساتان بكعب عالى و شرائط تصل الى منتصف الساق من نفس لون التايير
تناول طارق افطاره و بعدها بقليل نزل لصلاة العشاء و كانت معدة دينا مقلوبه راسا على عقب فلم تستطع ان تمس الطعام، كذلك حرصت على الا يراها طارق الا و هى تغطى شعرها و تظهر بشكلها العادى
و كان الاتفاق ان يصلى العشاء ثم يصطحب مايسه و تكون دينا فى انتظارهم بعد ان تذهب الخادمه بالاطفال الى منطقة اللعب المخصصه للكومباوند الذى يسكنونه
و رن جرس الباب، لم تفتح دينا، و تركت طارق قليلاً، فقام هو بفتح الباب بمفتاحه و دخل بصحبة خطيبته، كان قد طلب من مايسه التخفف من الماكياج و ارتداء ملابس عاديه حتى لا تثير غيرة دينا، لذلك صعقت هى و طارق نفسه حين دخلوا ليجدوا دينا فى انتظارهم بهذا الشكل الذى يجعلها اقرب لفنانه لبنانيه، لم يكن طارق يدرك انه من السهل ان تصبح كل سيده جميله من الخارج، لكن الاهم هو جمالها الداخلى الذى لا تشتريه كنوز الارض
و كانت دينا من ذلك النوع، الجميل قلباً و قالباً، لكنها طالما استخسرت ان تبعثر الاموال على ملابس و مجوهرات كانت ترى ان بيتها و بناتها اولى بها، لذلك حين نفضت عن نفسها بعض الغبار، كاد طارق يغشى عليه، و ظل يتأملها كأنه يراها لاول مره، و حين جلسوا، و جد نفسه لا ارادياً يذهب للاريكه التى تجلس عليها دينا ليجلس الى جوارها، و تجلس مايسه على الاريكه الاخرى امامهما، و قد بدا الامر كانها موظفه تقوم بعمل انترفيو مع دينا و زوجها
اما مايسه، فكانت صدمتها اعظم، كانت تتوقع ان ترى امراه مترهله، اما لثلاث بنات تعصب راسها بمنديل اسود و تتصاعد منها رائحة المطبخ، صحيح ان طارق لم يذكرها ابداً بسوء، لكن كانت تلك الصوره التى تمنت مايسه بشده ان تكون زوجة حبيبها عليها الى درجه انها صدقتها
لكنها ادركت لاول وهله ان دينا لا تكبرها فى العمر بكثير، و انها تمتلك قواماً رشيقاً يكاد يماثل قوام مايسه، و ذلك الشعر الطويل الذى يفوق شعرها جمالاً و نعومه، و تلك الرموش الطويله و الماكياج الرائع، حتى تساءلت مايسه فى نفسها: هو طارق عايز يتجوز على دى ليه، هو اهبل؟ ثم تراجعت و اكدت لها شياطينها انه لابد مدله فى غرامها و الا لما ترك ذلك الصاروخ لكي يتزوجها
بدأت دينا بالكلام: اهلاً مدام مايسه، ولا انسه؟
تلعثمت مايسه و ردت بصوت منخفض: لأ انسه طبعا ً ازيك يا مدام دينا
دينا: بس انا كنت عاوزه اسالك يا مايسه و اسمحيلى ارفع الكلفه، ايه اللى يغصب واحده جميله زيك تتجوز راجل متجوز؟
مايسه: اكيد انت ادرى بشخصية طارق اكتر منى، و عارفه انه صعب ست تتعرف عليه من غير ما تقع فى غرامه، عشان كده احنا الاتنين حانضحى و حانتجوز
دينا: قصدك احنا التلاته يا مايسه، هو انا مش معاكم فى الموضوع ولا ايه؟
مايسه: لا انا مصره ان حضرتك ما تضحيش بأى حاجه، اوعى تفتكرى ان جوازنا حيأثر علي حياتك و على بناتك أى التأثير و اعتبرينى اختك الصغيره
غمغمت دينا اه ياختى اعملى نفسك الطيبه الاميره، طيب خدى دى
دينا: بس انا فعلاً مش حاتأثر يا مايسه، انت ما تعرفيش انى طلبت اتعرف عليكى النهارده عشان اطمن على بناتى معاكى؟
ذهل طارق الذى اراد الكلام لكن دينا اسكتته بنظره واحده، منذ جلس الى جوارها احس بالذنب لوضعها فى ذلك الموقف و قرر ان يجعل الامور تمضى تلك الليله بطريقتها هى
مايسه: بناتك؟ و ايه اللى يخليكى تسيبى بناتك يا مدام دينا، انا ما ارضاش خراب البيوت
دينا: لا ما أنا كمان شايفه ان كفايه على طارق زوجه واحده و حياه واحده، زى ما انت قلت انتو الاتنين حاتضحوا عشان حبكم، انما انا خلاص ضحيت زمان عشان حبى يا مايسه، و كفايه عليا تضحيات، اشوف نفسى شويه بقه
تكلم طارق و قد نفذ صبره: لا يا دينا، احنا ما اتفقناش على كده، انا قلت لك ما اقدرش اعيش من غيرك و مش حاطلقك
ثم لمح مايسه بطرف عينه فاضاف: و لا من غير مايسه، انا عاوز نكون كلنا نكون سعداء
دينا: طلاق ايه لا سمح الله، حد جاب سيرة الطلاق، عشان نكون احنا التلاته سعداء، صعب اوى نكون كلنا مع بعض، انا عشت معاك دلوقت سنين طويله على الحلوه و المره، و ضحيت كتير و انت عارف، و برضه انت اسعدتنى كتير مش حانكر، عشان كده من حق مايسه دلوقت انك تكون لها لوحدها و تستمتع بالسعاده كامله، ولو حتى فتره قد اللى احنا عشناها مع بعض، تمن تسع سنين كده، بعدها نكون متعادلين و نقدر نعيش احنا التلاته سوا فى منتهى السعاده
طارق: و اقدر اعرف حضرتك حاتكونى فين خلال السنين دى، عشان لو عزنا نبلغك اى حاجه و لا كده
ردت دينا مبتسمه: حاكون فى مصر ا يا طارق، انا خلاص كلمت سارة و اتفقت معاها تسجل لى الماجستير اللى كنت سبته عشان خاطر جوازنا، و بعتت ترجمت شهادة تخرجى بامتياز من كليتى و بعد ما اخلص الدكتوراه، ارجع تانى و نعيش كلنا سعداء
قامت دينا لاحضار بعض المشروبات و تركت مايسه و طارق
مايسه: انا مش فاهمه انت معترض على ايه، و ايه حكاية ما تقدرش تعيش من غيرها دى يا سى طارق، مش يا ما قلت لى ان يوم المنى فى حياتك لما اكون لك لوحدي لكن اللى مصبرك هما البنات؟ سيبها تسافر و لا تروح اى حته، زى ما هى قالت من حقى استمتع بيك لوحدى زى ما هى عملت سنين طويله
طارق: دى عايزه تسيب البنات يا مايسه، حاتقدرى عليهم؟
مايسه: امال الشغالات اتعملوا ليه، طبعا ً اقدر، كل اللى حانعمله نجيب كمان مربيه جنب الشغاله بتاعتهم، و الفيلا دى واسعه تكفينا كلنا، انا موافقه على الى دينا بتقوله، عارف، انا خلاص مش حاتجوزك الا اذا سبتها تسافر، انا مش متصوره انك عاوز تضيع فرصة ان ما يبقاليش فيك شريك
قالت مايسه كلمتها الاخيره بحنان بالغ و اقتربت من طارق و لمست وجنته، و كان يبدو كالمسحور من كلامها و نظراتها
و حين عادت دينا تدق بكعبها العالى على ارض الريسبشن، انتفض طارق و دفع مايسه لتجلس مره اخرى مكانها، و قدمت دينا لهم المشروبات ثم جلست
مايسه: ميرسى، انا شايفه ان كلامك عين العقل يا مدام دينا، و اذا كان على البنات انا صحيح باشتغل لكن اجيب لهم بدل المربيه تلاته، من حقك تعيشى و تعملى الدكتوراه بتاعتك و من واجب طارق انه يصرف على بناته و يربيهم تحت عينيه
دينا: ايه رايك يا طارق؟ حتى مايسه موافقه انها تربى لك بناتك اهيه، و الله زين ما اخترت، بنت اصول حقيقى
طارق: بس يا دينا حانتكلم بعدين
مايسه: يعنى ايه بعدين يا طارق، احنا دلوقت مصيرنا واحد، و من حقنا كلنا نوصل لاتفاق مع بعض
طارق: لا، ما ينفعش يا مايسه بناتى تربيهم المربيات و الشغالات، و انت نفسك لو خلفت حاخليكى تقعدى فى البيت عشان تربى ابنك او بنتك
ردت مايسه بذكاء و قد بدأت تلمح لمعان عينى دينا: طبعاً يا حبيبى اقعد اول ما اخلف، لكن ربنا ما يرضاش ان دينا تروح تبنى مستقبلها فى مصر و انا اهدم مستقبلى هنا، كل واحد اولى بعياله، خلى دينا تاخد بناتها معاها و تربيهم بمعرفتها، و انا مستعده ادفع مرتبات الشغالات الفليبنيات اللى حاتاخدهم معاها مصر كمان
اشتد لمعان عينا دينا بالسعاده و قالت: عليكى نور يا مايسه، انا فعلا مش عاوزه اتقل عليكى، كل اللى انا عاوزاه انى اربى بناتى بنفسى فعلاً، انت بقه الصغننه الحلوه، حاولى يا ستى تاثرى على خطيبك عشان يرضى يسيبنى ارجع بيهم مصر، و يصرف عليهم هناك لحد ما اخلص الدكتوراه
مايسه: طبعا ً حاساعدك، و مسألة انه يصرف على بناته دى متهيالى دى حاجه طبيعيه يا دينا و انا سعيده انى قابلت شخصيه محترمه زيك، انا كنت متخيله انك حاتضربينى و تمسكى فى خناقى، لكن بجد انت حد محترم و متحضر جدا، اثبتى فعلا ان الست المصريه مش أنانيه، وممكن تسعد واحده ست زيها و ربنا حايجازيكى خير
دينا: بس انا عندى سؤال يا مايسه، انت ليه ما اتجوزتيش لحد دلوقت بالرغم من شياكتك و جمالك
مايسه: انا حاكون صريحه معاكى، لما كنت فى مصر، كان كل اللى بيتقدمولى شباب صغيرين و ما حليتهمش حاجه، و انا كمان من اسره متوسطه، عشان كده احلامى كانت كبيره فى حياه مرفهه و ما قدرتش ادفنها مع شاب فى مصر لسه يا يكون حاجه يا اما يفضل محلك سر، و كبيره انه ياخدنى معاه بره و ممكن ينجح و ممكن لا، عشان كده قررت مقدراتى تكون فى ايدى انا
دينا: استغفر الله، المقدرات دى بيد الله يا اخت مايسه
مايسه: سورى ما قصدتش اللى فهمتيه، قصدت انى ما اعتمدش على راجل، اعتمد على نفسى عشان اعيش الحياه الهاى اللى كنت عاوزاها، و وقت ما ييجى الحب، ييجى من غير شروط و لا قيود
دينا: و الله الفلوس دى اخر حاجه الواحد يفكر فيها، انا بقه عكسك خالص، اتجوزت طارق و ما كانش حيلته حاجه اطلاقا، و راهنت عليه، عشان كنت باحبه و حتى لو ما كانش وصل لاى حاجه، كنت برضه حافضل احبه، بس مش حاجه غريبه ان بنات كتير دلوقت نظرتها كده، مش عاوزين يعيشوا صعوبة البدايات و لا موسم الحرث و الزراعه، و عاوزين يوصلو وقت الحصاد اللى تعبت فيه ستات تانيه؟
مايسه: اوعى تفتكرى انى حبيت طارق عشان فلوسه، انا حبيته كانسان و مش عاوزه منه اي حاجه ماديه، انا عندى شقه واسعه فى مصر و مفروشه بالكامل و مش حاعتدى على اى حقوق ماديه ليكى او لبناتك
دينا: و الله انا باشكرك على الموضوع ده جدا، اصل الصوره اللى بنسمعها عن الزوجه التانيه دايما تكون عاوزه تستنزف راجل غنى، لكن الشهاده لله انت مختلفه تماما يا مايسه عن كل ده بس اتمنى تحاولى تقنعى طارق باللى انا قلته، ده حايكون احسن ليكى و له و للبنات
و لم يفت سارة فى خلال كلامها مع اسراء ان تشد من ازرها كى تتحمل، ملمحة ان هناك فى الدينا مشاكل و مصائب اكبر بكثير من عدم موافقة ازواجهن على السفر، بالطبع لم تفصح عن اسم دينا او عن طبيعة مشكلتها، لكنها بذكاءها استطاعت ان تسرب شعور الرضا لاسراء حتى تكمل اشهر حملها و هى مستريحه نفسياُ و ذلك بعد او وافقت امها على السفر لاسراء حين تبدأ فى شهرها التاسع ان شاء الله
لكن ذلك كله لم يستطع ان ينسى سارة للحظه واحده ما كانت تمر به دينا، اخت زوجها الحبيب، هناك قوة خفيه تربط بين امراه و اخرى، تجدهن جميعاً جبهة واحده اذا تعرضت واحده من بنات جنسهن لغدر او خيانه مثلما حدث مع دينا
الا ان دينا ابلغت سارة فى اخر مكالمه انها تشكر كرمها للغايه، و انها من الممكن بالفعل ان تنتقل لتمكث مع عمر حتى تقوم بتجهيز مسكن مناسب لها و لبناتها
كم كانت سارة حزينه لاجل ذلك العش الذى سيتهدم بسبب الرعونه و الانانيه، كانت هى نفسها تعترض دائما على تدليل دينا الزائد لزوجها، انها حتى احبت الشيشه و اصبحت تشربها معه فقط لانه يحبها و يريدها، و تلك كانت الغلطه، كونها تجاريه و تعمل ما يحب على طول الخط لم يكن ذلك هو المطلوب، من الواجب ان تحتفظ كل امراه بجزء من شخصيتها مهما كانت تحب زوجها و تتدله فى هواه
و دعت الله ان يقف الى جانبها فى تلك المواجهه الوشيكه بينها و بين غريمتها و هى تتذكر مواجهة مماثله فى حياتها، صحيح انها كلما تذكرت قصة أيه زميلة عمر تحاول ان تنفضها عن عقلها، لكنها الان عندما تذكرتها تتألم اكثر من اجل دينا
اذا كان شعور سارة بمجرد اعجاب بين عمر و ايه جعلها على وشك الجنون، فما حال دينا الان و زوجها يعلن بكل وقاحه انه سيتزوج من غيرها
وفى قارة اخرى، كانت نيران الغيره تضطرم بداخل دينا منذ الصباح، منذ تركت الاطفال مع الداده الفلبينيه و نزلت الى الكوافير، كانت تحاول ان تقلل دائما من زياراتها للكوافير حتى توفر لطارق و تحاول ان تبدو جميله باقل التكاليف داخل منزلها
لكنها اليوم تحس بشعور مختلف، معركتها مع تلك المراه، و قد كسبت بالفعل عدة نقاط، اولها انها رأتها من قبل و تعلم انها ليست جميله بل فقط مهتمه بهندامها و ملابسها، و طلبت دينا ان تراها فى المنزل حتى ترتدى ما يحلو لها و تطلق شعرها بدون تقيد بالحجاب، فلا تحس الاخرى انها تفوقها فى شىء، صحيح ان المرأه المحجبه تجاهد مع نفسها لتنفذ ما أمر به الله، لان شكلها بشعرها و كامل مكياجها يختلف تماما عن شكلها بالحجاب الشرعى و الملابس المحتشمه، لكن المرأه التى تحب الله اكثر من شكلها الخارجى و مظهرها، لا تأبه ان تبدو اقل جمالاً لتعلو مكانتها عند خالقها القادر الوهاب الذى منحها ذلك الشعر و ذلك الجمال الذى تتباهى به
و بعد ساعات، غيرت دينا فيها لون شعرها الى البنى الفاتح، و جعلت المصففه تصنع لها خصلات ذهبيه تواءمت مع عيناها العسليتان و بشرتها الفاتحه، و طلبت من الماكييره ان تمر عليها بعد الافطار لعمل ماكياج كامل لها، ثم مرت بالمول الكبير لتشترى طاقما من محل فرنسى لم تدخله من قبل قط، كان الطاقم عباره عن مينى جوب و جاكت قصير تلامس اطرافه بالكاد طرف الجيب، و اختارته من اللون الوردى الفاتح، و اختارت حذاء ساتان بكعب عالى و شرائط تصل الى منتصف الساق من نفس لون التايير
تناول طارق افطاره و بعدها بقليل نزل لصلاة العشاء و كانت معدة دينا مقلوبه راسا على عقب فلم تستطع ان تمس الطعام، كذلك حرصت على الا يراها طارق الا و هى تغطى شعرها و تظهر بشكلها العادى
و كان الاتفاق ان يصلى العشاء ثم يصطحب مايسه و تكون دينا فى انتظارهم بعد ان تذهب الخادمه بالاطفال الى منطقة اللعب المخصصه للكومباوند الذى يسكنونه
و رن جرس الباب، لم تفتح دينا، و تركت طارق قليلاً، فقام هو بفتح الباب بمفتاحه و دخل بصحبة خطيبته، كان قد طلب من مايسه التخفف من الماكياج و ارتداء ملابس عاديه حتى لا تثير غيرة دينا، لذلك صعقت هى و طارق نفسه حين دخلوا ليجدوا دينا فى انتظارهم بهذا الشكل الذى يجعلها اقرب لفنانه لبنانيه، لم يكن طارق يدرك انه من السهل ان تصبح كل سيده جميله من الخارج، لكن الاهم هو جمالها الداخلى الذى لا تشتريه كنوز الارض
و كانت دينا من ذلك النوع، الجميل قلباً و قالباً، لكنها طالما استخسرت ان تبعثر الاموال على ملابس و مجوهرات كانت ترى ان بيتها و بناتها اولى بها، لذلك حين نفضت عن نفسها بعض الغبار، كاد طارق يغشى عليه، و ظل يتأملها كأنه يراها لاول مره، و حين جلسوا، و جد نفسه لا ارادياً يذهب للاريكه التى تجلس عليها دينا ليجلس الى جوارها، و تجلس مايسه على الاريكه الاخرى امامهما، و قد بدا الامر كانها موظفه تقوم بعمل انترفيو مع دينا و زوجها
اما مايسه، فكانت صدمتها اعظم، كانت تتوقع ان ترى امراه مترهله، اما لثلاث بنات تعصب راسها بمنديل اسود و تتصاعد منها رائحة المطبخ، صحيح ان طارق لم يذكرها ابداً بسوء، لكن كانت تلك الصوره التى تمنت مايسه بشده ان تكون زوجة حبيبها عليها الى درجه انها صدقتها
لكنها ادركت لاول وهله ان دينا لا تكبرها فى العمر بكثير، و انها تمتلك قواماً رشيقاً يكاد يماثل قوام مايسه، و ذلك الشعر الطويل الذى يفوق شعرها جمالاً و نعومه، و تلك الرموش الطويله و الماكياج الرائع، حتى تساءلت مايسه فى نفسها: هو طارق عايز يتجوز على دى ليه، هو اهبل؟ ثم تراجعت و اكدت لها شياطينها انه لابد مدله فى غرامها و الا لما ترك ذلك الصاروخ لكي يتزوجها
بدأت دينا بالكلام: اهلاً مدام مايسه، ولا انسه؟
تلعثمت مايسه و ردت بصوت منخفض: لأ انسه طبعا ً ازيك يا مدام دينا
دينا: بس انا كنت عاوزه اسالك يا مايسه و اسمحيلى ارفع الكلفه، ايه اللى يغصب واحده جميله زيك تتجوز راجل متجوز؟
مايسه: اكيد انت ادرى بشخصية طارق اكتر منى، و عارفه انه صعب ست تتعرف عليه من غير ما تقع فى غرامه، عشان كده احنا الاتنين حانضحى و حانتجوز
دينا: قصدك احنا التلاته يا مايسه، هو انا مش معاكم فى الموضوع ولا ايه؟
مايسه: لا انا مصره ان حضرتك ما تضحيش بأى حاجه، اوعى تفتكرى ان جوازنا حيأثر علي حياتك و على بناتك أى التأثير و اعتبرينى اختك الصغيره
غمغمت دينا اه ياختى اعملى نفسك الطيبه الاميره، طيب خدى دى
دينا: بس انا فعلاً مش حاتأثر يا مايسه، انت ما تعرفيش انى طلبت اتعرف عليكى النهارده عشان اطمن على بناتى معاكى؟
ذهل طارق الذى اراد الكلام لكن دينا اسكتته بنظره واحده، منذ جلس الى جوارها احس بالذنب لوضعها فى ذلك الموقف و قرر ان يجعل الامور تمضى تلك الليله بطريقتها هى
مايسه: بناتك؟ و ايه اللى يخليكى تسيبى بناتك يا مدام دينا، انا ما ارضاش خراب البيوت
دينا: لا ما أنا كمان شايفه ان كفايه على طارق زوجه واحده و حياه واحده، زى ما انت قلت انتو الاتنين حاتضحوا عشان حبكم، انما انا خلاص ضحيت زمان عشان حبى يا مايسه، و كفايه عليا تضحيات، اشوف نفسى شويه بقه
تكلم طارق و قد نفذ صبره: لا يا دينا، احنا ما اتفقناش على كده، انا قلت لك ما اقدرش اعيش من غيرك و مش حاطلقك
ثم لمح مايسه بطرف عينه فاضاف: و لا من غير مايسه، انا عاوز نكون كلنا نكون سعداء
دينا: طلاق ايه لا سمح الله، حد جاب سيرة الطلاق، عشان نكون احنا التلاته سعداء، صعب اوى نكون كلنا مع بعض، انا عشت معاك دلوقت سنين طويله على الحلوه و المره، و ضحيت كتير و انت عارف، و برضه انت اسعدتنى كتير مش حانكر، عشان كده من حق مايسه دلوقت انك تكون لها لوحدها و تستمتع بالسعاده كامله، ولو حتى فتره قد اللى احنا عشناها مع بعض، تمن تسع سنين كده، بعدها نكون متعادلين و نقدر نعيش احنا التلاته سوا فى منتهى السعاده
طارق: و اقدر اعرف حضرتك حاتكونى فين خلال السنين دى، عشان لو عزنا نبلغك اى حاجه و لا كده
ردت دينا مبتسمه: حاكون فى مصر ا يا طارق، انا خلاص كلمت سارة و اتفقت معاها تسجل لى الماجستير اللى كنت سبته عشان خاطر جوازنا، و بعتت ترجمت شهادة تخرجى بامتياز من كليتى و بعد ما اخلص الدكتوراه، ارجع تانى و نعيش كلنا سعداء
قامت دينا لاحضار بعض المشروبات و تركت مايسه و طارق
مايسه: انا مش فاهمه انت معترض على ايه، و ايه حكاية ما تقدرش تعيش من غيرها دى يا سى طارق، مش يا ما قلت لى ان يوم المنى فى حياتك لما اكون لك لوحدي لكن اللى مصبرك هما البنات؟ سيبها تسافر و لا تروح اى حته، زى ما هى قالت من حقى استمتع بيك لوحدى زى ما هى عملت سنين طويله
طارق: دى عايزه تسيب البنات يا مايسه، حاتقدرى عليهم؟
مايسه: امال الشغالات اتعملوا ليه، طبعا ً اقدر، كل اللى حانعمله نجيب كمان مربيه جنب الشغاله بتاعتهم، و الفيلا دى واسعه تكفينا كلنا، انا موافقه على الى دينا بتقوله، عارف، انا خلاص مش حاتجوزك الا اذا سبتها تسافر، انا مش متصوره انك عاوز تضيع فرصة ان ما يبقاليش فيك شريك
قالت مايسه كلمتها الاخيره بحنان بالغ و اقتربت من طارق و لمست وجنته، و كان يبدو كالمسحور من كلامها و نظراتها
و حين عادت دينا تدق بكعبها العالى على ارض الريسبشن، انتفض طارق و دفع مايسه لتجلس مره اخرى مكانها، و قدمت دينا لهم المشروبات ثم جلست
مايسه: ميرسى، انا شايفه ان كلامك عين العقل يا مدام دينا، و اذا كان على البنات انا صحيح باشتغل لكن اجيب لهم بدل المربيه تلاته، من حقك تعيشى و تعملى الدكتوراه بتاعتك و من واجب طارق انه يصرف على بناته و يربيهم تحت عينيه
دينا: ايه رايك يا طارق؟ حتى مايسه موافقه انها تربى لك بناتك اهيه، و الله زين ما اخترت، بنت اصول حقيقى
طارق: بس يا دينا حانتكلم بعدين
مايسه: يعنى ايه بعدين يا طارق، احنا دلوقت مصيرنا واحد، و من حقنا كلنا نوصل لاتفاق مع بعض
طارق: لا، ما ينفعش يا مايسه بناتى تربيهم المربيات و الشغالات، و انت نفسك لو خلفت حاخليكى تقعدى فى البيت عشان تربى ابنك او بنتك
ردت مايسه بذكاء و قد بدأت تلمح لمعان عينى دينا: طبعاً يا حبيبى اقعد اول ما اخلف، لكن ربنا ما يرضاش ان دينا تروح تبنى مستقبلها فى مصر و انا اهدم مستقبلى هنا، كل واحد اولى بعياله، خلى دينا تاخد بناتها معاها و تربيهم بمعرفتها، و انا مستعده ادفع مرتبات الشغالات الفليبنيات اللى حاتاخدهم معاها مصر كمان
اشتد لمعان عينا دينا بالسعاده و قالت: عليكى نور يا مايسه، انا فعلا مش عاوزه اتقل عليكى، كل اللى انا عاوزاه انى اربى بناتى بنفسى فعلاً، انت بقه الصغننه الحلوه، حاولى يا ستى تاثرى على خطيبك عشان يرضى يسيبنى ارجع بيهم مصر، و يصرف عليهم هناك لحد ما اخلص الدكتوراه
مايسه: طبعا ً حاساعدك، و مسألة انه يصرف على بناته دى متهيالى دى حاجه طبيعيه يا دينا و انا سعيده انى قابلت شخصيه محترمه زيك، انا كنت متخيله انك حاتضربينى و تمسكى فى خناقى، لكن بجد انت حد محترم و متحضر جدا، اثبتى فعلا ان الست المصريه مش أنانيه، وممكن تسعد واحده ست زيها و ربنا حايجازيكى خير
دينا: بس انا عندى سؤال يا مايسه، انت ليه ما اتجوزتيش لحد دلوقت بالرغم من شياكتك و جمالك
مايسه: انا حاكون صريحه معاكى، لما كنت فى مصر، كان كل اللى بيتقدمولى شباب صغيرين و ما حليتهمش حاجه، و انا كمان من اسره متوسطه، عشان كده احلامى كانت كبيره فى حياه مرفهه و ما قدرتش ادفنها مع شاب فى مصر لسه يا يكون حاجه يا اما يفضل محلك سر، و كبيره انه ياخدنى معاه بره و ممكن ينجح و ممكن لا، عشان كده قررت مقدراتى تكون فى ايدى انا
دينا: استغفر الله، المقدرات دى بيد الله يا اخت مايسه
مايسه: سورى ما قصدتش اللى فهمتيه، قصدت انى ما اعتمدش على راجل، اعتمد على نفسى عشان اعيش الحياه الهاى اللى كنت عاوزاها، و وقت ما ييجى الحب، ييجى من غير شروط و لا قيود
دينا: و الله الفلوس دى اخر حاجه الواحد يفكر فيها، انا بقه عكسك خالص، اتجوزت طارق و ما كانش حيلته حاجه اطلاقا، و راهنت عليه، عشان كنت باحبه و حتى لو ما كانش وصل لاى حاجه، كنت برضه حافضل احبه، بس مش حاجه غريبه ان بنات كتير دلوقت نظرتها كده، مش عاوزين يعيشوا صعوبة البدايات و لا موسم الحرث و الزراعه، و عاوزين يوصلو وقت الحصاد اللى تعبت فيه ستات تانيه؟
مايسه: اوعى تفتكرى انى حبيت طارق عشان فلوسه، انا حبيته كانسان و مش عاوزه منه اي حاجه ماديه، انا عندى شقه واسعه فى مصر و مفروشه بالكامل و مش حاعتدى على اى حقوق ماديه ليكى او لبناتك
دينا: و الله انا باشكرك على الموضوع ده جدا، اصل الصوره اللى بنسمعها عن الزوجه التانيه دايما تكون عاوزه تستنزف راجل غنى، لكن الشهاده لله انت مختلفه تماما يا مايسه عن كل ده بس اتمنى تحاولى تقنعى طارق باللى انا قلته، ده حايكون احسن ليكى و له و للبنات
3 التعليقات:
aywa b2aaaaaa
الحلقة دي يسموها كيد النسا :D
دى كيادة وغياظة وحاسة ان دينا نفسها تمسكها تاكلها
إرسال تعليق