ا[الجزء الخامس] الحلقة الثانية عشر

ابتسم والد مروه بحب و قال: احمد ده ابنى يا استاذ ابراهيم، و طول عمره قدام عينى و انا دلوقت زى ما يكون باخطب بنتى لابنى و انت عارف ان ربنا ما رزقنيش اولاد، و طول عمرى باتمنى اجواز بناتى يكونو اولاد ليا

كانت الدموع تقف منتظره عند اطراف رموش مروه و امها و سارة و امها و حتى .. أحمد
لذلك فور ما سمعوا تلك الجمله، نزلت الدموع بحريتها، و زاد عليها طلب والد أحمد من الجميع قراءة الفاتحه ليبارك الله جمعهم و يجمع بين مروه و احمد فى خير ان شاء الله

و بعدها قال والد احمد: بالنسبه للترتيبات احنا تحت امركم يا استاذ محمود

قاطعه والد مروه قائلاً: انا حاقولك كلمه قديمه شويه، انا باشترى راجل، و ابنك راجل، بس عندى رجاء ان مافيش جواز الا بعد ما يخلصوا جامعه و يلاقى شغل ان شاء الرحمن، مش حاقولك شقته فين و حايدفع مهر كام، كل الحاجات دى سهله و مش حانختلف فيها، لكن حاطلب منه يراعى ربنا فى مروه طول عمره

والدة احمد: طبعاً، دى مروه فى عينينا، و ان شاء الله ربنا يكرمه علطول بعد ما يتخرج بشغل كويس، المهندسين مطلوبين دلوقت فى مصر و بره مصر كمان، بس كان أملنا نفرح الولاد و نعمل ولو شبكة على الضيق بعد العيد ان شاء الله

رد والد مروه: خلاص يا ستى و الله ما حاكسفك، نفرحهم ان شاء الله، و يكون ارتباطهم رسمى و قدام الناس كلها، بس انا ما عنديش موضوع انا خارج مع خطيبتى لوحدنا، و لا حتى توصلها من الجامعه يا احمد، انت راجل مسلم و عارف ان الخطوبه لا تحلل حراماً

قال احمد و هو يقوم من مكانه متوجهاً الى والد مروه و الدموع لازالت فى عينيه: انا عارف يا عمى، و عندى اخوات بنات و ان شاء الله احافظ عليها، و لو سمحت لى، انا عاوز احضن حضرتك و اوعدك انى ان شاء الله عمرى ما حاخذلك، و لا اخليك تندم انك ادتنى بنتك
لحظتها اخرجت سارة علبه من القطيقه الحمراء من حقيبتها، و نادت احمد: تعالى يا حبيبى، قدم الهديه لخطيبتك
كانت تلك هى مفاجأتها لاحمد، ذهبت فى الصباح و استبدلت احد خواتمها القديمه بعد ان استأذنت زوجها، بخاتم جديد من الذهب الملون، ابيض و اصفر و احمر
نظر احمد بعينين غير مصدقتين لاخته، و قبلها و هو يشكرها قائلاً: طيب حاستاذنك تلبسيه انت للعروسه يا سارة، بنفسك، ربنا يخليكى ليا

تمتمت مروه: ماشى يا احمد، يعنى تحضن ابويا، و اختك تلبسنى الخاتم، ايه ده، انا انضحك عليا فى الفاتحه دى؟
لكن ذلك الاعتراض البسيط فى داخلها، لم يمنع او حتى يقلل من فرحتها العارمه بهدية سارة، كانت سارة تريد ان تطمئنها من ناحيتها، اذ انها بخبرتها كانت تعلم ان اكثر ما يقلق عروس الشاب وحيد اهله، هو غيرة امه و اخواته منها، لقد كانت فى موقفها يوماً ما، و ارادت اليوم ان تعلنها انها اختها لا زوجة اخيها، و فيما كانت مروه ترتدى الخاتم، كانت تحس بعينى احمد تغمرانها بفيض من الحب، لا تراه انما تحسه
تخاف ان ترفع نظرها اليه، لكن نظراته تحوطها، يكاد دفئها يلمس قلبها و بعدها نظرت اليه مروه بحب و اعزاز و هى تتمنى لحظتها ان تضمه الى قلبها، و همست فى نفسها: يا ما انت كريم يا رب، معقوله، بالسهوله دى؟ خلاص حابقى خطيبة احمد؟
و تحولت الجلسه بعدها الى احضان متبادله بين الجميع، و دموع فرح طاهر ملأت العيون
و فى نفس ذلك الوقت، فى مكان بعيد بعيد، فى الطرف الاقصى من الارض، كانت داليا تصلى كعادتها، و تشكر الله على ما أتاها هى و زوجها الحبيب و بعد ان انهت صلاتها و قبل خلع الخمار

هشام: تصدقى يا داليا، انت احلى الف مره بالحجاب؟
داليا: طول عمرى نفسى البسه يا هشام و نفسى ربنا يهدينى بس انت عمرك ما ساعدتنى، كنت حاسه ان شكلى من غيره بيرضيك اكتر
هشام: بس كان لازم ما تهتميش بيا، و تهتمى برضا الله اكتر يا حبيبتى
داليا: ان النفس لأمارة بالسوء، اعمل ايه بس، لكن الحمد لله الذى هدانا و ما كنا لنهتدى لولا ان هدانا الله يا هشام، تصدق كل الستات فى المركز الاسلامى، و حتى جيرانى الامريكان جابولى هدايا، عاوزين يعملولى حفله زى البيبى شاور كده اسمها هيجاب شاور هاهاها و كل الهدايا تبقى ايشاربات
هشام: الناس هنا عرفوكى من سنين يا داليا، و كنت احسن سفيره للمسلمين، عمرك ما اذيتى حد من جيرانك او حتى عليتى صوت الراديو و كنت دايماً بتقفى جنب اللى يحتاجك فيهم، عشان كده خليتى فكرهم عن الاسلام يختلف، وده اللى خلاهم لما اتحجبتى ما قالوش عليكى ارهابيه، بالعكس احترموا فكرك و التزامك باوامر دينك
حاولت داليا ان ترد لكن الالم ارتسم على وجهها، و امسكت بطنها و هى تستغيث: الحقنى يا هشام، انا تعبانه اوى، تقل جامد فى بطنى
تلقفها هشام بسرعه قبل ان تقع و جرى بها الى المستشفى القريب
و فى احد دول الخليج، و تحديداً فى احد المطاعم على الشاطىء، كان يجلس طارق ليتناول افطاره وحيداً و فجأه و جد مايسه امامه
مايسه: كنت متأكده انى حالاقيك هنا، ايه ده .؟ لا تليفونات بترد عليها و لا حتى ميلات؟ و مالك خاسس ليه كده، و بتاكل بره ليه، المدام ما بتطبخش ولا طردتك من البيت بعد ما رجعت

طارق: ايه كل ده، و المفروض ارد على ايه الاول؟
مايسه: ما بتردش عليا فى التليفون ليه يا طروق، تهون عليك مايسه حبيبتك، نسيت يا طارق كل اللى كان بيننا
طارق: لا يا مايسه، ما نستش، عشان كده عمال اندم على كل لحظه اغضبنا فيها ربنا، و بادعيلك بالخير و ربنا عالم
ردت مايسه و هى تسحب الكرسى و تجلس: طيب ليه ما يكونش الخير ده معاك يا طارق، قلت لك انسى الفلوس اللى مراتك عاوزه تضغط عليك بيهم، انا كنت غلطانه لما شكيت فيك، بس لما فكرت، لقيت انك انت عندى احسن من فلوس الدنيا، لكن هى باعتك عشان الفلوس، يكون جزائى تسيبنى و تروحلها
طارق: لا يا مايسه انت غلطانه، هى كانت مش عاوزانى و لا عاوزه الفلوس، و رجعتلى كل حاجه اول ما رجعت مصر، عشان كده قررت ارجع لها، و خلصت كل ارتباطاتى هنا و راجع مصر على العيد ان شاء الله، يعنى كمان كام يوم، انسينى يا مايسه، يمكن انا و انت غلطنا، لكن لسه فى وقت نصلح غلطاتنا دى

ردت مايسه و قد تجمعت دموع فى عينيها: غلطنا؟ احلى حاجه حصلت لى فى حياتى تقول عليها غلطه يا طارق؟ انا قلت انت هدية الزمن عشان يصالحنى على كل اللى جرى لى فى حياتى، تقوم تقولى غلطنا .؟ طيب انت غلطت فى حق مراتك، رغم اننا كنا حانتجوز على سنة الله و رسوله، انا غلطت فى مين فهمنى؟

طارق: غلطتى لما ما فكرتيش فيها، و لا فى بناتى، و انت ست زيها، و عارفه الجرح قد ايه بيكون قاسى لما ييجى من اللى حبيناهم طول عمرنا، كان لازم تحطى نفسك مكانها

مايسه: هى اللى ما عرفتش تحافظ عليك، و انا عمرى ما كنت حابقى مكانها ابداً، لو كنت اتجوزتنى كنت حاملأ عليك دنيتك كلها يا
طارق، عمرك ما كنت حاتحتاج تبص لحد غيرى

طارق: مش حاقدر اقول على دينا ولا كلمه، دى وقفت جنبى و اخدتنى و انا ما حيلتيش حاجه و ضحت بكل حاجه عشان خاطرى، عشان كده ده دورى فى التضحيه، انا مسافر بكره يا مايسه، و عاوزك تنسينى، و تنسى اننا فى يوم عرفنا بعض
لملمت مايسه نفسها و هى تكتم دموعاً حقيقيه، ليست فقط بسبب فقدها لطارق، ستجد غيره غداً، لكن بسبب انتصار دينا عليها، غريمتها انتصرت عليها، لم تقدر ذكاء دينا حق قدره، اعتبرتها زوجه غبيه ستعترض فى البدايه ثم تعجز عن التحمل لتترك لها الساحه وحدها لتصبح الزوجه الوحيده لا الزوجه الثانيه، لكن كل تلك الامال تحطمت الان بعد ان رفضها طارق بملء ارادته، و دون ضغط من زوجته

دخل عمر و سارة الى المنزل، ليجدا يحيى و مريم يجريان ليتعلقان بسيقانهما، كانت ام عمر طلبت من سارة ان تتركهما معها هى و دينا و لا تاخذهما الى منزل مروه، حيث كان من غير المناسب تواجد اطفال صغار فى تلك الليله

يحيى: يا ماما فطرنا لوحدنا و يحيى و مريم كانوا زعلانين اوى
مريم: اه , نانه منكم تانى ( زعلانه منكم تانى)

رفع عمر مريم عالياً و قبلها قائلا: انت نانه يا مريومه؟ طيب انا اسف ما تزعليش عشان خاطرى
يحيى: كمان حضرتك و ماما رحتو التراويح من غيرى، وانا بحب اروح الصلاه يا بابا

سارة: معلش يا يحيى، يوم ايوه و يوم لا، ما عندكش واجبات النهارده يا حبيبى، قول من دلوقت قبل فوات الاوان يا يويو
رد يحيى: لأ طانط دينا حلته معايا انا و هبه و خلثناه خلاث

و هنا جاءت دينا باكواب الشاى و وضعتها امامهم و قالت: الشاى يا جماعه، عملتوا ايه يا سارة؟ يا رب يكون ربنا وفق احمد
سارة: و الله كل خير يا دينا، عقبال البنات، برضه ياختى الخطوبه دى فرحه، مروه فكرتنى بيوم قراية فاتحتى انا و عمر، ربنا يسعد كل البنات يا رب
و انتبهت سارة الى انها من الممكن ان تنكأ جرح دينا فاضافت: و يرجع طارق بالسلامه ان شاء الله
ردت دينا متهلله: خلاص هو راجع الاسبوع الجاى باذن الله، و فرحتينى اوى باحمد يا سارة، هو يستاهل كل خير، ده داخ معايا عشان اخلص الورق بتاعى فى الجامعه ربنا يسعده و يباركله
ام عمر: اه و الله الواد ده بيفكرنى بعمر و هو صغير، امير كده و هادى و راجل من بدرى، كل عيلتكم ولاد اصول يا سارة يا بنتى، ربنا يكرمكم و يفرحكم بيه
سارة: دعاء جميل فى ايام مفترجه، يا بختك يا عم احمد يا ريتنى كنت احمد

عمر: لا لا لا، انت حلوه كده، و انا اعمل ايه من غيرك يا حبيبتى
منذ زمن طويل لم يدللها عمر امام والدته، بناء على طلب سارة نفسها، لكنها تلك المره لم تحس بغيرة والدته، بالعكس، احست انها فرحت من اجلها، لقد صهرتها تجربة ابنتها و احست بمرارة المرأه حين يخذلها زوجها، و جعلها ذلك تتمنى الخير لكل الزوجات، بما فيها زوجة ابنها
و فى تلك الليله، خلد الجميع للنوم مبكراَ حتى يحيى و مريم، و لاول مره منذ زمن يختلى الزوجان و الحبيبان

سارة: مروه النهارده فكرتنى بنفسى اوى يا عمر

عمر: عندك حق، احلى مشاعر فى الدنيا هى اللحظات الاولى فى الخطوبه دى، مستقبل مفتوح، كل الخيارات متاحه، و مع ذلك نختار حد معين عشان نمضى معاه بقية عمرنا
سارة: تفتكر انت اخترتنى يا عمر و لا انا اللى اخترتك؟
عمر: ربنا اختارلنا يا سارة، احسن اختيار فى الدنيا، ربنا يخليكى ليا، بس انا حاسس انك بعدتى عنى اوى، الاول يحيى و بعدين مريم و بعدين الشغل .
فكرت سارة: اللهم طولك يا روح بقه كده يا عمر، افتكرت الشغل بس و نسيت العيله و عيلة العيله و اللى عاملينه فيا، يا رب صبرنى
لكنها بالرغم من ذلك ردت بكل هدوء: معلش يا عمر انا عارفه ان شغلى ممكن يكون اثر علينا شويه، لكن حسسنى انى ليا فايده و لازمه فى الدنيا، بصرف النظر عن الفلوس، و ان كانت الفلوس كويسه برضه هاهاهاهاها

رد عليها عمر: يعنى انا كنت حارمك من حاجه يا سارة؟
سارة: و انا قلت كده يا عمر؟ انا كل اللى قلته ان ما حدش يكره زيادة دخله
و اكملت جملتها فى نفسها، خاصة لما يكون عليه اقساط متلتله و فى عيلة كامله معسكره عنده فى البيت
لكنها كتمت ذلك الكلام و احتفظت بتلك الابتسامه الساذجه لعله يعود الى الكلام الجميل الذى كان يقوله من يومين فقط، لكنه استمر فى كلامه: و كمان يا سارة عاوزه تزوديها بموضوع مجموعات التقويه ده، عشان خاطرى يا سارة فكرى تانى
فكرت سارة: اه، فكرى تانى، يمكن تكرهى ان دخلك يزيد و يبقى ليكى منظر فى الدنيا
لكنها حين تكلمت قالت: يا عمر يا حبيبى، انا نفسى اعمل المجموعه دى عشان ادخل فى جمعيه و ادفع مقدم عربيه صغيره كده تنفعنى بدل البهدله فى المواصلات

عمر: بهدله؟ ليه ان شاء الله، ما انت بتروحى بالباص و ترجعى بيه كمان، لازمتها ايه عربيه و مصاريف، انت فاكره العربيه بتيجى كده و خلاص، ده فيه صيانه و بنزين و زيت و هم كبير اوى
همت سارة بالرد بعد ان نفذ صبرها او كاد ينفذ لكن رنين الهاتف منعها، قامت و هى تتمتم، يا ساتر يا رب، خير اللهم اجعله خير ..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Facebook Twitter Favorites More