فى نفس ذلك الوقت، اول يوم من رمضان فى بلد عربى اخر كانت دينا اخت عمر
تحضر الافطار لاسرتها الصغيره و المكونه من زوجها طارق و اولادها هبه و التوءمتان هايدى و هديل
دينا: ماما و حشتنى يا طارق، و بابا الله يرحمه، و لمتنا اول يوم رمضان، الغربه مهما كانت تعب يا طارق، رغم ان كل اللى فى مصر بيحسد اللى خرج منها، لكن برضه فى حاجات كده فى بلدنا ما تتعوضش فى اى مكان تانى
طارق: يعنى انت عايزه كل حاجه يا دينا، الفلوس و الفيلا فى مصر و هنا و العربيه اخر موديل و المدارس الامريكيه، و كمان تبقى فى بلدك، صعب اوى يا دينا
دينا: انت ناسى القصور اللى شفناها فى مارينا؟ البلد مليانه فلوس، بس هى مركزه فى ايدين ناس معينه بس، ربنا يسامح اللى كان السبب فى هروبنا منها
طارق: يا شيخه ربنا يجازيه خير، النضافه و الشوارع اللى بتلمع و الحياه السهله، مافيش طوابير ابدا، مافيش خناقات فى الشوارع، انت عارفه امبارح انا عربيتى اتخبطت
دينا: يا خبر! و بعدين
طارق: ولا قبلين، خبطنى واحد راكب عربيه اخر شياكه، نزل منها و ادانى الكارت بتاعه و اديته الكارت بتاعى، و شركات التامين حاتغطى الموقف، و لحد ما عربيتى تتصلح حاخد عربيه بدالها نفس الماركه، عمرك شفتى كده فى مصر؟؟
دينا: هاهاه فى مصر ازاى يعنى، انا هاحكيلك السيناريو بالضبط، حاتنزل متنرفز و تدعى انه هو الغلطان و هو كمان حايقول نفس الكلام، و حاتوقفوا الشارع لمدة تلات ساعات فى انتظار البوليس عشان المعاينه و العربيات فى مكانها
طارق: هاهاهاههاه حيلك حيلك ايه ده كله يا بنتى، انت كنت شغاله على مكروباص هاهاهاهاهاهاه
و كل ده و تقولى لى الحنين و الغربه و البتاع، ده ربنا تاب علينا يا دندن
انطلقت دينا تغنى: زى ما هى حبها، بحلوها بمرها، بص لحبيبتك حسها، و زى ما هى حبها
طارق: طيب يا ست مافيا، خلصى الفطار بقه عشان نازل بعد الفطار علطول
دينا: حانروح نصلى التراويح؟؟
طارق: لا يا جميل انا باصلى فى البيت، انا رايح شغل مهم بعد الفطار
ثم انطلقت اشارة استلام رساله من هاتفه، فقفز ليمسك به قبل دينا و يجرى الى غرفته بعيداً عنها
وفى نفس الوقت فى امريكا، كان المسلمون فى الحى قد نظموا افطاراً جماعياً فى حديقة المركز الاسلامى بالمنطقه، و كعادة الامريكان فى تجمعات الطعام، حيث اصطبغ معظمهم بالصبغه الامريكيه و احتفظوا فقط بدينهم بعد فقدهم لمعظم معالم هويتهم
و من معالم الصبغه الامريكيه، ان حفلات الطعام تكون اقرب الى الديش بارتى، حيث تحضر كل اسره بعض الاطعمه و يتشاركها الجميع، و كان هذا الافطار عامراً، تبوله لبنانيه، شيش كباب تركى، بريانى هندى، و كبسه سعوديه، اما داليا فقد احضرت بط محشو بالارز و البصل، بعثت لها امها بزوج من البط المصرى مع احد المسافرين، كما لم تنس ان تشترى كنافه من محل الحلويات الذى يديره لبنانيون فى حيهم
كانت داليا لم تنزل مصر من سنوات، منذ تاريخ وفاة والدها، كل ما يربطها بعائلاتها بعض االايميلات و التليفونات، حتى والدتها لم ترها منذ ذلك الوقت، صحيح انها توسلت اليها مراراً ان تاتى لزيارتها، لكن الام فضلت ان تظل فى منزل عمر الذى ترتاح فيه، حتى فرح دينا لم تستطع ان تحضره، كانت فى طريقها لمناقشة رسالة الدكتوراه ولم يسعفها الوقت
و فى وسط الزحام و هذا المزيج العجيب من اطعمة الشعوب، كان فى كل قلب غصه، غصة حنين للاسره و الناس فى البلد الام، لكن امريكا كانت تختلف عن معظم بلاد العالم، كانت تستوعب كل الجنسيات و تهضمها بداخلها و تحولها لمركب جديد قابل للتعامل و الحياه
فى طريق العوده قالت داليا:
يمكن عشان امريكا اساسا مالهاش هويه يا هشام، مافيش اصلا حاجه بتجمع الناس الاصليين، انت عارف ما فيش اصليين، ده اصله ايرلندى و ده المانى و التالت لاتينى
انا عمرى ما حسيت انى مختلفه هنا، كل الناس متعايشه فى سلام
هشام: يمكن عشان انت مش محجبه، وعشان ملامحك محايده مش عربيه و لا هنديه ولا زنجيه، لكن زوجات صحابى المحجبات عايشين فى قلق من ساعة حداشر سبتمبر، كل واحد فيهم حاسس انه متراقب و متهم بدون ادله
داليا: و الله يا هشام فكرت كتير فى موضوع الحجاب ده، خاصة ان كل عيلتى محجبه، حتى عمر ياما كلمنى فى الموضوع ده و انا بنت و بعد ما اتجوزت كمان، رغم انه كان صغير وقتها، لكن طول عمره متدين بزياده، انا باصوم و اصلى و ازكى و بعمل كل اللى اقدر عليه، لكن الحجاب ده بالذات ربنا مش مقدرنى
هشام: طبعا انت عارفه انى اصلا مش مؤمن بالموضوع ده، الحجاب حجاب القلب، لكن لو عاوزه تتحجبى براحتك مش حامنعك
This is the land of freedom my dear
داليا: اه ده كان قبل سبتمبر اليفين، لكن من ساعتها بقت فى حريه اه انك تقلع لكن انك تلبس نو نو نو هاهاهاه
ضحكت داليا و تضاربت بداخلها المشاعر، لقد تقدم لها هشام بطريقة تقليديه عن طريق خالته المقيمه بمصر، طلب منها ان تبحث له عن عروس لانه لا يريد الزواج من امريكيه و لا من عرب امريكا، يريد زوجه مصريه خالصه، و قد عاش عمره كله و دخل الجامعه و تربى فى امريكا، لمست فى اخلاقه ما لم تعرفه فى اخلاق اى من اقاربها المصريين، كان يعاملها كملكه و الى جانب ذلك يقف الى جوارها فى المطبخ ليساعدها، و يقوم بتهذيب الحديقه، و غسل سيارته
و رغم انه يصلى جميع الفروض و اخذها للحج منذ عامين، الا انه لا يرى ضروره للحجاب مثلا لانه يثق فيها و لانها ملتزمه بحدود فى ملابسها
كم تمنت ان يطلب اليها الحجاب و يشجعها عليه، لكنه ابداً لم يفعل لذلك ظل بداخلها امنيه ان يهديها الله اليه، خاصه ان سارة و دينا دائماً ما ينصحانها فى كل حوار لهما معها على الانترنت، شيئاً واحد كان يؤلمها كلما تذكرته، لم يرزقها الله باولاد، و يا للعجب لم تجد احداً هنا يسأل لمذا تاخر الانجاب، و مستنيين ايه، و الكلام الغريب الذى سمعته فى جنازة ابيها بمصر، لقد كان اصعب شهر فى حياتها، لم تقابل احدا من عائلتها او حتى من معارفها، الا و سألها عن سبب عدم الانجاب، هل العيب منه او منها
هل يفكر ان يتزوج مره اخرى، هل تفكر هى ان تتركه و تتزوج لتنجب
اجمل ما حدث، انهما لم يسألا نفسهما يوماً من سبب تاخر الانجاب، كل ما فعله هو انه قام ببعض التحاليل، و ثبت ضعف فى قدرته على الانجاب، كما قامت هى بتحاليل و اشعات كشفت وجود التصاقات فى الانابيب، نتيجه لعملية خاطئه فى مصر فقط
الى هنا و لم يقم اى منهما بمحاوله و لو بسيطه للعلاج، عندما وجدوا العيب مشتركاً، احسوا انه من الحكمه ان يحتفظ كل منهما بوضعه، حتى لا يرمى الذنب على الاخر فى حالة شفاؤه
و كان شعارهما الدائم، و يجعل من يشاء عقيماً و ان الله اذا اراد، سيتم الحمل رغماً عن العيوب الطفيفه التى اخبرها الاطباء انها لا تمثل عائقاً حقيقياً للانجاب
عاشا سعداء بدون ان يحس ايهما بانه يتفضل على الاخر بقبول الحياه معه كما هو، لكن بقى الامل داخلهما ان يمن الله عليهما بطفل ينير حياتهما اكثر و اكثر
و فى نفس الوقت فى مصر اخذت سارة التليفون بعيداً عن امها و همست لاسراء: يا حبيبتى دى مشاعر طبيعيه عشان رمضان و احساسك بالغربه ده انسانى و عادى جداً، لكن ما تخليش ده ياثر عليكى و تعملى مشاكل من غير لازمه، انا واثقه انك تقدرى تتوصلى لحل مع حازم بخصوص الولاده
اسراء: بيقول ان هنا فى تامين صحى و حاولد ببلاش و المستشفيات انضف و العنايه اكتر، بس ده كله ييجى ايه جنب وجودى وسط اهلى، وجود ماما جنبى تشيل معايا فى الايام الاولى، و جودك انت كمان، سبوع و شمع و الجيران فى مصر، انا اول مره اعرف انى باحب بلدى كده، الله يخربيت الغربه
سارة: كلمة الغربه دى كانت زمان يا حبيبتى، قبل الموبايل و المسنجر و الويب كام، دلوقت انا باشوفك كل شويه و باكلمك و المسافات كلها قربت بين الناس، ليه تحكمى على نفسك بالنكد كده فى اول يوم رمضان، و ماما مش مبطله عياط ده انا خدت التليفون بعيد عنها عشان تهدى
اسراء: طبعا يا ست سارة، سهل تقولى كده، ما انت قاعده جنب ماما و هى طابخالك بايديها و بابا و احمد و كل الناس حواليكى، لكن انا هنا لوحدى مش لاقيه حد يسأل عليا ولا يقولى انت فين، و اللى ايده فى الميه مش زى اللى ايده فى النار
سارة: كده يا اسراء، مانا كمان متعذبه عشان انت مش جنبى و دايما حاسه ان فيه حاجه كبيره ناقصه، لكن اللى مصبرنى و مصبر ماما اننا نعرف انك مرتاحه و سعيده
اجهشت اسراء بالبكاء: انا مش مبسوطه ولا سعيده، عايزه افطر معاكم و انزل اتسحر فى الحسين، و اقابل صحابى بعد الفطار عشان ننقى لبس العيد، و اكل كحك معاهم يوم العيد الصبح و بعدها اتفرج معاهم على فيلم هايف فى عز زحمة السينما، انت ما تعرفيش يا سارة قد ايه مصر واحشانى، رغم انى بقالى شهرين، كل حته فى بلدى وحشتنى، متربه و زحمه و فيها سحابه سوده، بحبها و عايزه اولد ابنى او بنتى فيها، مش من حقى؟؟؟
سارة: معلش يا اسراء و الله انا حاسه بيكى، شعور بالحنين لكل حاجه حتى اللى كنا بننفر منها فى وقت من الاوقات ده طبيعى و عادى بس برضه ممكن نبص لنص الكبايه المليان، المستشىفى الكويسه و العنايه بعد الولاده و حتى المولود بيكون فى اهتمام كبير بيه و ادق التحاليل بتتعمل له، عشان خاطرى ما تكلميش ماما فى الموضوع ده عشان لما تصدق حاتمسك فى خناق حازم، انا عايزاكى تهدى دلوقت و تكلميها عادى خالص و بعدين انا حاكلمك على المسنجر بالليل بعد ما تخلص نوبة النوستالجيا دى اللى جايالك عشان اول يوم فى رمضان، خلاص يا قمر؟
و بالفعل هدأت اسراء التى كانت تعانى من نوبة حنين، تعاودنا جميعاً فى المناسبات، سواء الحنين لمن سافر، او لمن غادر دنيانا بلا رجعه و لا تحلو الحياه و لا تطيب اللقمه بدونهم
لكنها هى الحياه و يجب ان نعيشها كما هى، كل ما نستطيعه الرضاء بالموجود و استخلاص اقصى اسباب السعاده منه قبل ان ينضم الموجود هو الاخر لخانة المفقود و نندم على عدم معرفتنا بقيمته و قتما كان بين ايدينا
تحضر الافطار لاسرتها الصغيره و المكونه من زوجها طارق و اولادها هبه و التوءمتان هايدى و هديل
دينا: ماما و حشتنى يا طارق، و بابا الله يرحمه، و لمتنا اول يوم رمضان، الغربه مهما كانت تعب يا طارق، رغم ان كل اللى فى مصر بيحسد اللى خرج منها، لكن برضه فى حاجات كده فى بلدنا ما تتعوضش فى اى مكان تانى
طارق: يعنى انت عايزه كل حاجه يا دينا، الفلوس و الفيلا فى مصر و هنا و العربيه اخر موديل و المدارس الامريكيه، و كمان تبقى فى بلدك، صعب اوى يا دينا
دينا: انت ناسى القصور اللى شفناها فى مارينا؟ البلد مليانه فلوس، بس هى مركزه فى ايدين ناس معينه بس، ربنا يسامح اللى كان السبب فى هروبنا منها
طارق: يا شيخه ربنا يجازيه خير، النضافه و الشوارع اللى بتلمع و الحياه السهله، مافيش طوابير ابدا، مافيش خناقات فى الشوارع، انت عارفه امبارح انا عربيتى اتخبطت
دينا: يا خبر! و بعدين
طارق: ولا قبلين، خبطنى واحد راكب عربيه اخر شياكه، نزل منها و ادانى الكارت بتاعه و اديته الكارت بتاعى، و شركات التامين حاتغطى الموقف، و لحد ما عربيتى تتصلح حاخد عربيه بدالها نفس الماركه، عمرك شفتى كده فى مصر؟؟
دينا: هاهاه فى مصر ازاى يعنى، انا هاحكيلك السيناريو بالضبط، حاتنزل متنرفز و تدعى انه هو الغلطان و هو كمان حايقول نفس الكلام، و حاتوقفوا الشارع لمدة تلات ساعات فى انتظار البوليس عشان المعاينه و العربيات فى مكانها
طارق: هاهاهاههاه حيلك حيلك ايه ده كله يا بنتى، انت كنت شغاله على مكروباص هاهاهاهاهاهاه
و كل ده و تقولى لى الحنين و الغربه و البتاع، ده ربنا تاب علينا يا دندن
انطلقت دينا تغنى: زى ما هى حبها، بحلوها بمرها، بص لحبيبتك حسها، و زى ما هى حبها
طارق: طيب يا ست مافيا، خلصى الفطار بقه عشان نازل بعد الفطار علطول
دينا: حانروح نصلى التراويح؟؟
طارق: لا يا جميل انا باصلى فى البيت، انا رايح شغل مهم بعد الفطار
ثم انطلقت اشارة استلام رساله من هاتفه، فقفز ليمسك به قبل دينا و يجرى الى غرفته بعيداً عنها
وفى نفس الوقت فى امريكا، كان المسلمون فى الحى قد نظموا افطاراً جماعياً فى حديقة المركز الاسلامى بالمنطقه، و كعادة الامريكان فى تجمعات الطعام، حيث اصطبغ معظمهم بالصبغه الامريكيه و احتفظوا فقط بدينهم بعد فقدهم لمعظم معالم هويتهم
و من معالم الصبغه الامريكيه، ان حفلات الطعام تكون اقرب الى الديش بارتى، حيث تحضر كل اسره بعض الاطعمه و يتشاركها الجميع، و كان هذا الافطار عامراً، تبوله لبنانيه، شيش كباب تركى، بريانى هندى، و كبسه سعوديه، اما داليا فقد احضرت بط محشو بالارز و البصل، بعثت لها امها بزوج من البط المصرى مع احد المسافرين، كما لم تنس ان تشترى كنافه من محل الحلويات الذى يديره لبنانيون فى حيهم
كانت داليا لم تنزل مصر من سنوات، منذ تاريخ وفاة والدها، كل ما يربطها بعائلاتها بعض االايميلات و التليفونات، حتى والدتها لم ترها منذ ذلك الوقت، صحيح انها توسلت اليها مراراً ان تاتى لزيارتها، لكن الام فضلت ان تظل فى منزل عمر الذى ترتاح فيه، حتى فرح دينا لم تستطع ان تحضره، كانت فى طريقها لمناقشة رسالة الدكتوراه ولم يسعفها الوقت
و فى وسط الزحام و هذا المزيج العجيب من اطعمة الشعوب، كان فى كل قلب غصه، غصة حنين للاسره و الناس فى البلد الام، لكن امريكا كانت تختلف عن معظم بلاد العالم، كانت تستوعب كل الجنسيات و تهضمها بداخلها و تحولها لمركب جديد قابل للتعامل و الحياه
فى طريق العوده قالت داليا:
يمكن عشان امريكا اساسا مالهاش هويه يا هشام، مافيش اصلا حاجه بتجمع الناس الاصليين، انت عارف ما فيش اصليين، ده اصله ايرلندى و ده المانى و التالت لاتينى
انا عمرى ما حسيت انى مختلفه هنا، كل الناس متعايشه فى سلام
هشام: يمكن عشان انت مش محجبه، وعشان ملامحك محايده مش عربيه و لا هنديه ولا زنجيه، لكن زوجات صحابى المحجبات عايشين فى قلق من ساعة حداشر سبتمبر، كل واحد فيهم حاسس انه متراقب و متهم بدون ادله
داليا: و الله يا هشام فكرت كتير فى موضوع الحجاب ده، خاصة ان كل عيلتى محجبه، حتى عمر ياما كلمنى فى الموضوع ده و انا بنت و بعد ما اتجوزت كمان، رغم انه كان صغير وقتها، لكن طول عمره متدين بزياده، انا باصوم و اصلى و ازكى و بعمل كل اللى اقدر عليه، لكن الحجاب ده بالذات ربنا مش مقدرنى
هشام: طبعا انت عارفه انى اصلا مش مؤمن بالموضوع ده، الحجاب حجاب القلب، لكن لو عاوزه تتحجبى براحتك مش حامنعك
This is the land of freedom my dear
داليا: اه ده كان قبل سبتمبر اليفين، لكن من ساعتها بقت فى حريه اه انك تقلع لكن انك تلبس نو نو نو هاهاهاه
ضحكت داليا و تضاربت بداخلها المشاعر، لقد تقدم لها هشام بطريقة تقليديه عن طريق خالته المقيمه بمصر، طلب منها ان تبحث له عن عروس لانه لا يريد الزواج من امريكيه و لا من عرب امريكا، يريد زوجه مصريه خالصه، و قد عاش عمره كله و دخل الجامعه و تربى فى امريكا، لمست فى اخلاقه ما لم تعرفه فى اخلاق اى من اقاربها المصريين، كان يعاملها كملكه و الى جانب ذلك يقف الى جوارها فى المطبخ ليساعدها، و يقوم بتهذيب الحديقه، و غسل سيارته
و رغم انه يصلى جميع الفروض و اخذها للحج منذ عامين، الا انه لا يرى ضروره للحجاب مثلا لانه يثق فيها و لانها ملتزمه بحدود فى ملابسها
كم تمنت ان يطلب اليها الحجاب و يشجعها عليه، لكنه ابداً لم يفعل لذلك ظل بداخلها امنيه ان يهديها الله اليه، خاصه ان سارة و دينا دائماً ما ينصحانها فى كل حوار لهما معها على الانترنت، شيئاً واحد كان يؤلمها كلما تذكرته، لم يرزقها الله باولاد، و يا للعجب لم تجد احداً هنا يسأل لمذا تاخر الانجاب، و مستنيين ايه، و الكلام الغريب الذى سمعته فى جنازة ابيها بمصر، لقد كان اصعب شهر فى حياتها، لم تقابل احدا من عائلتها او حتى من معارفها، الا و سألها عن سبب عدم الانجاب، هل العيب منه او منها
هل يفكر ان يتزوج مره اخرى، هل تفكر هى ان تتركه و تتزوج لتنجب
اجمل ما حدث، انهما لم يسألا نفسهما يوماً من سبب تاخر الانجاب، كل ما فعله هو انه قام ببعض التحاليل، و ثبت ضعف فى قدرته على الانجاب، كما قامت هى بتحاليل و اشعات كشفت وجود التصاقات فى الانابيب، نتيجه لعملية خاطئه فى مصر فقط
الى هنا و لم يقم اى منهما بمحاوله و لو بسيطه للعلاج، عندما وجدوا العيب مشتركاً، احسوا انه من الحكمه ان يحتفظ كل منهما بوضعه، حتى لا يرمى الذنب على الاخر فى حالة شفاؤه
و كان شعارهما الدائم، و يجعل من يشاء عقيماً و ان الله اذا اراد، سيتم الحمل رغماً عن العيوب الطفيفه التى اخبرها الاطباء انها لا تمثل عائقاً حقيقياً للانجاب
عاشا سعداء بدون ان يحس ايهما بانه يتفضل على الاخر بقبول الحياه معه كما هو، لكن بقى الامل داخلهما ان يمن الله عليهما بطفل ينير حياتهما اكثر و اكثر
و فى نفس الوقت فى مصر اخذت سارة التليفون بعيداً عن امها و همست لاسراء: يا حبيبتى دى مشاعر طبيعيه عشان رمضان و احساسك بالغربه ده انسانى و عادى جداً، لكن ما تخليش ده ياثر عليكى و تعملى مشاكل من غير لازمه، انا واثقه انك تقدرى تتوصلى لحل مع حازم بخصوص الولاده
اسراء: بيقول ان هنا فى تامين صحى و حاولد ببلاش و المستشفيات انضف و العنايه اكتر، بس ده كله ييجى ايه جنب وجودى وسط اهلى، وجود ماما جنبى تشيل معايا فى الايام الاولى، و جودك انت كمان، سبوع و شمع و الجيران فى مصر، انا اول مره اعرف انى باحب بلدى كده، الله يخربيت الغربه
سارة: كلمة الغربه دى كانت زمان يا حبيبتى، قبل الموبايل و المسنجر و الويب كام، دلوقت انا باشوفك كل شويه و باكلمك و المسافات كلها قربت بين الناس، ليه تحكمى على نفسك بالنكد كده فى اول يوم رمضان، و ماما مش مبطله عياط ده انا خدت التليفون بعيد عنها عشان تهدى
اسراء: طبعا يا ست سارة، سهل تقولى كده، ما انت قاعده جنب ماما و هى طابخالك بايديها و بابا و احمد و كل الناس حواليكى، لكن انا هنا لوحدى مش لاقيه حد يسأل عليا ولا يقولى انت فين، و اللى ايده فى الميه مش زى اللى ايده فى النار
سارة: كده يا اسراء، مانا كمان متعذبه عشان انت مش جنبى و دايما حاسه ان فيه حاجه كبيره ناقصه، لكن اللى مصبرنى و مصبر ماما اننا نعرف انك مرتاحه و سعيده
اجهشت اسراء بالبكاء: انا مش مبسوطه ولا سعيده، عايزه افطر معاكم و انزل اتسحر فى الحسين، و اقابل صحابى بعد الفطار عشان ننقى لبس العيد، و اكل كحك معاهم يوم العيد الصبح و بعدها اتفرج معاهم على فيلم هايف فى عز زحمة السينما، انت ما تعرفيش يا سارة قد ايه مصر واحشانى، رغم انى بقالى شهرين، كل حته فى بلدى وحشتنى، متربه و زحمه و فيها سحابه سوده، بحبها و عايزه اولد ابنى او بنتى فيها، مش من حقى؟؟؟
سارة: معلش يا اسراء و الله انا حاسه بيكى، شعور بالحنين لكل حاجه حتى اللى كنا بننفر منها فى وقت من الاوقات ده طبيعى و عادى بس برضه ممكن نبص لنص الكبايه المليان، المستشىفى الكويسه و العنايه بعد الولاده و حتى المولود بيكون فى اهتمام كبير بيه و ادق التحاليل بتتعمل له، عشان خاطرى ما تكلميش ماما فى الموضوع ده عشان لما تصدق حاتمسك فى خناق حازم، انا عايزاكى تهدى دلوقت و تكلميها عادى خالص و بعدين انا حاكلمك على المسنجر بالليل بعد ما تخلص نوبة النوستالجيا دى اللى جايالك عشان اول يوم فى رمضان، خلاص يا قمر؟
و بالفعل هدأت اسراء التى كانت تعانى من نوبة حنين، تعاودنا جميعاً فى المناسبات، سواء الحنين لمن سافر، او لمن غادر دنيانا بلا رجعه و لا تحلو الحياه و لا تطيب اللقمه بدونهم
لكنها هى الحياه و يجب ان نعيشها كما هى، كل ما نستطيعه الرضاء بالموجود و استخلاص اقصى اسباب السعاده منه قبل ان ينضم الموجود هو الاخر لخانة المفقود و نندم على عدم معرفتنا بقيمته و قتما كان بين ايدينا
0 التعليقات:
إرسال تعليق